ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[23 - 12 - 02, 07:04 م]ـ
الحمد لله ..
تعقيب على كلام الأخ (عصام البشير) وفقه الله ...
ما كذرته من تقسيم التوحيد عند الأشاعرة إلى ثلاث أقسام = تقسيم مشهور، وقد ذكره غير واحد من متأخري الأشعرية، وأذكر منهم صاحب شرح السنوسية (انظره: ص89 مع حاشية الدسوقي ط. البابي الحلبي).
ولكن مما يغلط فيه بعض طلبة العلم = أنهم يفهمون من مثل هذا، أو من مثل تفسيرهم لكلمة التوحيد (لا إله إلا الله) بأن المعنى: " المستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه "، فيبنون على هذه القضية أن الأشاعرة لا يثبتون أقسام التوحيد، وهذا لا شك أنه من غلط بمثل هذا العموم في الإطلاق.!!
فمن المعلوم أن مثل هذه القضايا هي قضايا اصطلاحية من حيث التقسيم، والمعتبر فيها موقفهم من المضمون، لا التقسيم.!!
وبالنظر إلى كتب الأشاعرة، وهم في هذا تبع لغيرهم من المتكلمين = أوضح بعض النقاط الهامة في فهم هذا الموضوع، فأقول:
إن المتكلمين سلكوا سبل من قبلهم من الفلاسفة في الاعتناء بالاستدلال لإثبات واجب الوجود لهذا الكون، بل جعلوا هذا أسّ مذهبهم، وصدروا كتبهم بتقرير وجود واجب الوجود، وجعلوه أول واجب على المكلف، وإن كان بعضهم يعبر بأن أول واجب النظر، أو القصد للنظر، أو الشك، لكن جميع ما ذكر يرجع إلى مضمون واحد =هو إثبات واجب الوجود، وهم بهذا مخالفون لطرق المرسلين، ولهذا قال محمد عبده في رسالة التوحيد ص43 في الكلام على التوحيد:
" هو إثبات الوحدة لله في الذات والفعل في خلق الأكوان، وأنه مرجع كل كون، ومنتهى كل قصد، وهذا المطلب كان الغاية العظمى من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. "
وأيضا: فكونهم اعتنوا بهذا التوحيد على هذا القدر، لا يستلزم بالضرورة أن كل من قرر هذا التوحيد، فإنه غير محقق لتوحيد الربوبية، فهذا النوع من التلازم ممتنع الثبوت، فالأشاعرة وغيرهم من أهل الكلام منهم من يقرر توحيد الألوهية، بما يوافق الحق، ومنهم من دخل عليهم وسائل الشرك، لكن لم يقعوا فيما هو من الشرك الأكبر، ومنهم من وقع في الشرك الأكبر، وجوزوا التقرب للأولياء وغيرهم من الصالحين.
فهذا أبو عبد الله الرازي على أنه منظر المذهب الأشعرية عند المتأخرين، فله كلام جيد في تقرير كثير من مسائل توحيد الألوهية، فانظر على سبيل المثال كلامه في تفسيره (17/ 59 - 60)، (25/ 254 - 255).
وهذا التفتازاني الماتريدي يقول في شرح المقاصد (4/ 39): (حقيقة التوحيد: اعتقاد التوحيد في الألوهية، وخواصها)، مع أنه من منظري المذهب الماتريدي عند المتأخرين، وارجع لكتاب جهود علماء الحنفية للأفغاني تجد نقولا كثيرا لأشاعرة و ماتريدية في توحيد الألوهية.
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[23 - 12 - 02, 07:05 م]ـ
ومما يلحظ هنا أن هذا التأثر بالفلسفة كان له الأثر في دخول الشرك على المسلمين، ولهذا كان كلام المتفلسفة الملية فيه كثير من الشرك، وأول الطوائف التي دخل فيها الشرك = الباطنية، والباطنية امتداد لمدارس فلسفية معروفة، ثم ظهور الدولة العبيدية التي أظهرت البناء على القبور = كان لها الأثر في نشر الشرك، ثم انتشر الشرك في دهماء الناس عن طريق الخوارق الشيطانية التي ترى عند القبور، ومما ساهم في انتشاره عدم اعتناء المذاهب الكلامية، كالأشعرية وغيرهم بتقرير توحيد الألوهية، فلم يجدوا في كتبهم ما هو واضح في إبطال هذا الشرك، لهذا يلحظ أن القبورية لم يكن لهم مُنَظِّر لمذهبهم بشكل كلامي، أو علمي، بل هم كذبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثل صاحب الدرر السنية في الرد على الوهابية، وغيرهم، و تقلد التنظير له بعض الجهلة ممن يبغون عرض الحياة الدنيا، أو ممن تلبس بلباس العلم، وهو مقلد عامي!!
والسبب في هذا أن المذهب هو باطني فلسفي أولا، ثم ظهر عن طريق الخوارق ثانيا بين العوام، دون تنظير علمي.
وكان ظهور مثل هذا الانحراف متأخرة؛ لأن الشرك بصبغته الباطنية لا قبول له، لكن لما انتقل بمثل هذا التدرج = صار له قبول وانتشار، خاصة مع اندراس العلم، وفشو الجهل، وذهاب أهل العلم، نسأل الله السلامة والعافية ..
، والله أعلم.
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[23 - 12 - 02, 08:10 م]ـ
لكن - بارك الله فيك - وإن كانوا يثبتون أقسام التوحيد لكنهم جعلوا النزاع على توحيد الربوبية؟ أريد أن أنبه على رسالة ماجستير من جامعة أم القرى لعلها تفيدنا للشيخ عبد الرحيم بن صمايل السلمي (حقيقة التوحيد بين أهل السنة والمتكلمين) بارك الله فيك أخي ابن ابي حاتم.
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[23 - 12 - 02, 08:16 م]ـ
وما ذكرتَه - يا أخي - لا يتعارض مع ما ذكرتُه، وقد أشرتُ إليه فيما كتبت، فلعلك تتأمل ما كتبته أولا ..
ولا أدري ما وجه استدراكك بكلمة (لكن)!!!
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[24 - 12 - 02, 03:57 م]ـ
بارك الله فيك أخي لكني لا أفقه في اللغة فمعذرة على استدراكي ب لكن وكلامك واضح جداً ولا لبس فيه.
¥