وقال تعالى: {قل ادعوا الذي زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير}
فكل ما عبد من دون الله ملائكة أو رسلاً أو جناً أو أصناماً، لا يملكك أحد مثقال درة من السموات والأرض وما لأحد منهم شرك مع الله في ملكه، ولا كان أحد منهم معيناً لله في خلق ذرة من مخلوقاته ..
ملك غير الله ملك عاري:
وملك غير الله ملك عاري ليس ملكاً حقيقياً فالله هو الذي ملكه، وهو الذي ينزعه منه إذا شاء سواء كان هذا الملك سلطاناً أو مالاً، فإن الله هو ماله الحقيقي، وهو الذي يعطيه وهو الذي ينزعه ومن ظن أنه يملك سلطانه أو ماله ملكاً حقيقياً فهو كافر بالله سبحانه وتعالى مشرك به.
(3) التصريف والتدبير: (الأمر الكوني القدري)
بالأحياء والإماتة، والإعزاز والإذلال، والإغناء والإفقار، والمرض والصحة، والهدى والضلال، والسلم والحرب، والظلم والعدل .. الخ (القضاء والقدر)
فكل ما يعتري المخلوق في كل شأن من شئونه إحياءاً وإماتة، وإغناءاً وإفقاراً، وصحة ومرضاً، وهداية وإضلالاً وما يعتري العوالم كلها وجوداً وعدماً، وبداية ونهاية، وحرباً وسلماً وظلماً وعدلاً، فكله جار بتصريف الله سبحانه وتعالى في عباده، لا يملك أحد منهم لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا مرضاً ولا صحة، ولا حياة ولا نشوراً، ولا عزاً ولا ذلاً، ولا هداية ولا إضلالاً، ولا زيادة في عمره، ولا نقصاً منه.
بل جميع مقادير المخاليق من ملائكة وجن وإنس وحيوان ونبات كلها جارية وفق أمر الله الكوني القدري ومن ظن أن مخلوقاً يملك لنفسه ذرة من التصريف، أو فعلاً من الأفعال فهو كافر مشرك بالله سبحانه وتعالى.
والأدلة على هذا من القرآن والسنة كثيرة جداً ومن ذلك قوله تعالى: {أفرأيتم ما تعبدون* أنتم وآباؤكم الأقدمون* فإنهم عدو لي إلا رب العالمين* الذي خلقني فهو يهدين* والذي هو يطعمني ويسقين* وإذا مرضت فهو يشفين* والذي يميتني ثم يحيين* والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} (الشعراء 75 - 82)
وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم}، وقوله تعالى: {يهدي من يشاء ويضل من يشاء}، وقوله تعالى: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلاً* وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً}
وقوله تعالى: {قل اللهم مالك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير* تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب}
وقوله تعالى عن رسوله: {قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله} (الأعراف:188)، وقوله تعالى عن ملائكته: {وقالوا اتخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عباد مكرمون* لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون* يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون* ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين}.
(4) الأمر الشرعي: (التشريع):
وكما هو أن الأمر الكوني القدري هو لله وحده سبحانه وتعالى ليس لأحد معه من الأمر شيء، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل قال الله لرسوله: {ليس لك من الأمر شيء} بل ما هو دون الأمر من الشفاعة فإنه لله وحده وليس لأحد من الشفاعة شيئاً كما قال تعالى: {قل لله الشفاعة جميعاً} ولا يشفع عند الله إلا من ارتضاه الله للشفاعة، ومن رضي عنهم من المشفوع فيهم ومن ظن أنه يشفع عند الله بغير إذنه فهو طاغوت كافر، ومن ظن أن هناك من يشفع عند الله دون إذن من الله، وأن الله يقبل الشفاعة غير راض عنها كما هو حال ملوك الدنيا فقد كفر بالله سبحانه وتعالى وجعل لله نداً تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
¥