: ليس بكاذب، ولكن لا نتَّبعه، ولا نؤمن به.
وإذا كان الإيمان يزول بزوال عمل القلب، فغير مستنكرٍ أَنْ يزولَ بزوالِ أعظم أعمالِ الجوارح (1)، ولا سيَّما إذا كان ملزوماً لعدم محبَّة القلب وانقياده الذي هو ملزومٌ لعدم التَّصديق الجازم كما تقدَّم تقريره، فإِنَّه يلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح، إذْ لو أطاع القلب وانقاد، أطاعت الجوارح، وانقادت، ويلزمُ من عدم طاعته وانقياده عدم التّصديق المستلزم للطَّاعة، وهو حقيقة الإيمان، فإن الإيمان ليس مجرَّد التَّصديق كما تقدَّم بيانه، وإِنَّما هو التَّصديق المستلزِم للطَّاعة والانقياد، وهكذا الهدى ليس هو مجرَّد معرفة الحقِّ وتبيُّنه، بل هو معرفته المستلزمة لاتِّباعه، والعمل بموجبه، وإِنْ سمِّي الأوَّل هدى، فليس هو الهدى التّامّ المستلزم للاهتداء، كما أَنَّ اعتقاد التَّصديق، وإِنْ سُمِّي تصديقاً، فليس هو التصديق المستلزم للإيمان، فعليك بمراجعة هذا الأصل ومراعاته)) (2).
وقال في "أعلام الموقعين": ((وقد تقدَّم أَنَّ الذي قال لمَّا وجد راحلته اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك أخطأ من شدَّة الفرح لم يكفر بذلك وإِنْ أتى بصريح الكفر لكونه لم يُرِدْه والمُكْرَه على كلمةِ الكفر أتى بصريح كلمته ولم يكفر لعدم إرادته بخلاف المستهزئ والهازل فإنَّه يلزمه الطلاق والكفر وإِنْ كان هازلاً لأَنَّه قاصد للتكلُّم باللفظ وهزله لا يكونُ عذراً له بخلاف المُكْره والمخطئ والنَّاسي فإِنَّه معذور مأمور بما يقولَه أو مأذونٌ له فيه والهازل غير مأذونٍ له في الهزل بكلمة الكفر والعقود فهو متكلِّم باللفظ مُريدٌ له ولم يصرفه عن معناه إكراهٌ ولا خطأٌ ولا نسيانٌ ولا جهلٌ والهزل لم يجعله الله ورسولَه عذراً صارفاً بل صاحبه أحقُّ بالعقوبة ألا ترى أنَّ الله تعالى عذر المكره في تكلُّمه بكلمةِ الكفر إذا كان قلبه مطمئنّاً بالإيمان ولم يعذَر الهازلُ بل قال: ?وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ?)) (1).
38. تقيّ الدِّين عليُّ بن عبد الكافي السبكيّ (الشافعيّ). ت:756هـ
قال في "الفتاوى": ((التَّكفير حكمٌ شرعيٌّ سببه جَحْد الرُّبوبيَّة أو الوحْدانيّة، أو الرِّسالة، أو قول أو فعل حكمَ الشَّارعُ بأنَّه كفر وإِنْ لم يكنْ جَحْداً)) (2).
37. (1) محمَّد بن مفلح المقدسيّ (الحنبليّ).ت:763هـ
((المرتَدُّ: من كفر طَوعاً ولو هازلاً بعد إسلامه، … قال جماعة: أو سجد لشمسٍ أو قمرٍ)) (1).
39. الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير. ت:774هـ
قال في تفسير قوله تعالى:?مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُوْلئِكَ الذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُوْلئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ (108) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمْ الْخَاسِرُونَ (109) (2) ?
((أخبر تعالى عمَّن كفر به بعد الإيمان والتبصُّر، وشرح صدره بالكفر واطمأنَّ به، أنَّه قد غضب عليه لعلمهم بالإيمان ثم عُدُولِهم عنه، وأنَّ لهم عذاباً عظيماً في الدَّار الآخرة، لأَنَّهم استحبُّوا الحياة الدُّنيا على الآخرة، فأقدموا على ما أقدموا عليه من الرِّدَّة لأجلِ الدُّنيا، .. وأمَّا قوله: ? إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ? فهو استثناءٌ ممَّن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مُكرهاً لما ناله من ضربٍ وأذى، وقلبه يأبى ما يقول، وهو مطمئنٌّ بالإيمان بالله ورسولِه)).
40. الشيخ خليل بن إسحاق (المالكيّ). ت:776هـ
قال في " المختصر " في باب الرِّدَّة:
((الرِّدَّة: كفر المسلم بصريحٍ، أو لفظٍ يقتضيه، أو فعلٍ يتضمَّنَه: كإلقاء مصحفٍ بقَذَرٍ، وشدِّ زنارٍ، وسحرٍ …)) (1).
41. محمَّد بن عبد الرحمن العثمانيّ (الشافعيّ). ت: بعد 780هـ
¥