.. الثالثة: أَنَّ الذي يكفُر به المسلم ليس هو عقيدة القلب خاصَّة، فإِنَّ هذا الَّذي ذكرهم الله لم يريدوا منه ? تغييرَ العقيدة كما تقدَّم، بل إذا أطاع المسلمُ من أشار عليه بموافقتِهِم لأجلِ مالِه أو بلدِه أو أهلِه مع كونه يعرف كفرَهم ويبغضهم فهذا كافرٌ إلاَّ من أُكرِه)) (3).
81. الشيخ محمَّد بن عليٍّ بن غريب (1).ت:1209هـ
قال في "التوضيح":
((المرتدُّ لغةً الرَّاجع، يقال ارتَدَّ فهو مرتدٌّ إذا رجع قال تعالى: ?وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ? (2) وشرعاًالذي يكفر بعد إسلامه نطقاً أو اعتقاداً أو شكَّاً أو فعلاً، وبعضُ هؤلاء الأئمَّة قال ولو مميِّزاً فتصحُّ رِدَّته كإسلامه، وهم الحنابلة ومن وافقهم، طوعاً لا مكرهاً بأنْ فعل لِداعي الإكراه لاعتقاده ما أُرِيدَ منه لقوله تعالى: ?إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا? (3) الآية)) (4).
وقال أيضاً:
((وكما يكون الكفر بالاعتقادِ يكون أيضاً بالقولِ كسبِّ
الله أو رسولِه أو دينِه أو الاستهزاء به قال تعالى: ?قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (1) ? وبالفعل أيضاً كإلقاء المصحف في القاذورات والسُّجود لغير الله ونحوهما. وهذا وإن وُجِدَتْ فيهما العقيدةُ فالقول والفعل مغلَّبان عليها لظهورهما)) (2).
82. سليمان بن محمَّد بن عمر البجيرميّ (الشافعيّ). ت:1221هـ
قال في شرحه على متن الخطيب الشربينيّ:
((فصلٌ: في الرِّدَّة … وهي أفحشُ أنواع الكبائر … قوله: (بِنِيَّة) هي العزم على الكفر … قوله: (أو قولٍ مكفِّرٍ) لو قدَّمه على ما قبله لكان أَوْلى ; لأَنَّه أغلبُ من الفعل وقوله أو قولٍ مكفِّرٍ أي: عمداً فيخرج من سبق لسانُه إليه ولغير نحو تعليم اهـ. قوله: (سواء أقاله) أي المذكور من النيَّة والفعل والقول فهو راجع لكلٍّ من الثلاثة كما في شرح (م ر) ولو قال:كما في المنهج استهزاءً كان ذلك لكان أولى اهـ. لأَنَّ النيَّة والفعل ليسا قولاً. قوله: (استهزاءً) أي تحقيراً واستخفافاً … قال الحصنيّ: ومن صور الاستهزاء ما يصدُر: من الظَلَمة عند ضربهم فيستغيث المضروبُ بسيِّد الأولين والآخِرين رسولِ الله ? فيقول خلِّ رسولَ الله ? يخلِّصك ونحو ذلك. ا هـ. (م د). قوله: (أم عناداً) أي معاندةَ شخصٍ ومراغمَةً له ومخاصمةً له كأنْ أنْكَر وجوبَ الصَّلاة عليه عناداً وقوله: (أو اعتقاداً) بأن قال لشخصٍ: يا كافر معتقداً أنَّ المخاطبَ متصفٌ بذلك حقيقةً وظاهر كلام الشارح أَنَّ هذا التَّعميم راجعٌ للقول فقط ولكنَّ بعضه رجعه لما قبله وهو ممكن في الفعل بعيدٌ في النِّيَّة فافهمْ. وقد يُجابُ بحمل الفعل على ما يشمل فعلَ القلب والاعتقاد ويعدُّ فعلاً وإنْ كان في التَّحقيق كيفيَّة قاله (سم). … قوله: (أو كذب رسولاً) بخلاف من كذب عليه فلا يكون كفراً بل كبيرةً فقط ا هـ (ع ش). … قوله: (أو سبَّه) أو قصدَ تحقيَره ولو بتصغير اسمه أو سبَّ الملائكة أو ضلَّل الأمَّة. قوله: (أو استخَفَّ) أي تهاون به أو باسمه كأن ألقاه في قاذورةٍ أو صغَّره. بأنْ قال محيمد … قوله: (وسجودٌ لمخلوقٍ كصنمٍ) إلاَّ لضرورةٍ بأَنْ كان في بلادهم مثلاً وأمروه بذلك وخاف على نفسه)) (1).
83. عبد الله بن حجازي (الشرقاويّ) (الشافعيّ). ت:1227هـ
قال في "حاشيته على التَّحرير" لزكريَّا الأنصاريّ:
((الرِّدَّة قطع من يصحُّ طلاقُه الإسلامَ بكفرٍ نيَّةً أو قولاً أو فعلاً استهزاءً كان كلُّ ذلك أو عناداً أو اعتقاداً) قوله (بكفرٍ نيَّةً أو قولاً أو فعلاً) فمثالُ النِّيَّة أَنْ يعزِم على الكفر ولو في قابلٍ
…والفعل أنْ يسجدَ لمخلوقٍ كصنمٍ وشمسٍ بلا ضرورة، أو يُلقي مصحفاً أو كتب علمٍ شرعيٍّ أو ما عليه اسمٌ معظمٌ، في قاذورةٍ …قوله (استهزاءً) أي استخفافاً قوله (أو عناداً) بأنْ عرف الحقَّ باطناً وامتنع أنْ يُقِرَّ به قوله (أو اعتقاداً))) (1).
84. محمد بن بدر الدين بن بلبان. (الحنبلي) ت:1083هـ (2)
¥