((باب المرتدّ: قوله: (من هزَلَ بلفظِ كفرٍ) أي تكلَّم به باختياره غير قاصدٍ معناه … وكما لو سجَد لصنمٍ أو وضع
مصحفاً في قاذورةٍ فإنَّه يكفر وإنْ كان مصدِّقاً، …)) (4).
90. شهاب الدِّين محمود بن عبد الله الآلوسي. ت:1270هـ
قال في تفسير قوله تعالى: ?لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ? ((واستدلَّ بعضهم بالآية على أنَّ الجدَّ واللَّعِب في إظهارِ كلمةِ الكفر سواءٌ ولا خلافَ بين الأئمَّة في ذلك)) (2).
91. إبراهيم بن محمَّد بن أحمد البيجوريّ (الشافعيّ). ت:1277هـ
قال في "حاشيته على ابن قاسم الغزِّيّ" في تعريف الردة: ((وشرعاً قطع الإسلام بنيةِ كفرٍ، أو قولِ كفرٍ، أو فعلِ كفرٍ، كسجودٍ لصنمٍ سواءً كان على جهة الاستهزاء أو العناد أو الاعتقاد). قوله (سواءً كان الخ…) تعميمٌ في قطع الإسلامِ بنيَّةِ الكفر أو قوله أو فعله لكن لا يظهر الاستهزاء في النِّيَّة وإِنَّما يظهر في القول والفعل. وقوله (جهة الاستهزاء) أي جهة هي الاستهزاء. قال تعالى: ?قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ?وقوله (أو العناد) أي كأن يقول: اللهُ ثالثُ ثلاثة عناداً لمن يخاصمه مع اعتقادِه أن الله واحدٌ فيكفر بذلك …)) (1).
92. الشيخ عبد الله بن عبد الرَّحمن أبابطين. ت:1282هـ
((ما سألت عنه، من أنَّه هل يجوز تعيين إنسان بعينه بالكفر، إذا ارتكب شيئاً من المكفِّرات، فالأمر الذي دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة وإجماع العلماء على أنَّه كفرٌ، مثل الشرك بعبادة غير الله سبحانه، فمن ارتكب شيئاً من هذا النَّوع أو جنسه، فهذا لا شكَّ في كفره.
ولا بأس بمن تحقَّقت منه شيئاً من ذلك، أنْ تقول: كفر فلان بهذا الفعل، يبيِّن هذا: أنَّ الفقهاء يذكرون في باب حكم المرتدِّ أشياء كثيرة، يصير بها المسلم كافراً، ويفتتحون هذا الباب بقولهم: من أشرك بالله كفر، وحكمه أَنَّه يُستتاب فإِنْ تاب وإلاَّ قتل، والاستتابةُ إنَّما تكون مع معيَّن.
ولمَّا قال بعض أهل البدع عند الشافعيّ: إنَّ القرآن مخلوقٌ، قال: كفرْتَ بالله العظيم، وكلام العلماء في تكفير المعيَّن كثيرٌ، وأعظم أنواع الكفر: الشرك، بعبادة غير الله، وهو كفر بإجماع المسلمين، ولا مانعَ من تكفير من اتَّصف بذلك، كما أنَّ من زنى قيل فلان زانٍ، ومن ربى قيل فلان مرابٍ)) (2).
((وسئل أيضاً: عن قول الصنعانيّ: إِنَّه لا ينفع قولُ من فعلَ الشرك، أنا لا أشرك بالله .. الخ؟
فأجاب، يعني: أَنَّه إذا فعل الشِّرك فهو مشركٌ، وإنْ سمَّاه بغيرِ اسمه، ونفاه عن نفسه.
وقوله: وقد صرَّح الفقهاء في كتبهم، بأَنَّ من تكلَّم بكلمة الكفرِ، يكفرُ، وإنْ لم يقصدْ معناها، فمرادهم بذلك: أنَّ من يتكلَّم بكلام كفرٍ، مازحاً أو هازلاً، وهو عبارة كثير منهم، في قولهم: من أتى بقولٍ، أو فعلٍ صريح في الاستهزاء بالدِّين، وإِنْ كان مازحاً، لقوله تعالى: ?وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ? (1).
وقال رحمه الله:
((ويقال لمن قال إنَّ من أتى بالشَّهادتين لا يُتَصوَّرُ كفرُه، ما معنى الباب الَّذي يذكره الفقهاءُ في كتب الفقه وهو (باب حكم المرتدِّ) والمرتدُّ هو الذي يكفر بعدَ إسلامه بكلامٍ أو اعتقادٍ أو فعلٍ أو شكٍّ وهو قبل ذلك يتلفَّظ بالشَّهادتين ويصلي ويصوم، فإذا أتى بشيءٍ مما ذكروه صار مرتدَّاً مع كونه يتكلَّم بالشَّهادتين ويصلي ويصوم ولا يمنعه تكلُّمه بالشَّهادتين وصلاته وصومه عن الحكم عليه بالرِّدَّة، وهذا ظاهرٌ بالأدلَّة من الكتابِ والسُّنَّة والإجماع.
وأوَّل ما يذكرون في هذا الباب الشِّرك بالله فمن أشركَ بالله فهو مرتدٌّ، والشِّرْك عبادةُ غير الله فمن جعل شيئاً من العبادة لغير الله فهو مُشركٌ، وإنْ كان يصوم النهارَ ويقوم اللَّيلَ فعمله حابطٌ)) (1).
93. الشيخ عبد الرَّحمن بن حسن بن محمَّد بن عبدالوهّاب. ت:1285هـ
¥