تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال في أحد رسائله: ((وأمَّا مذهب الخوارج فإِنَّهم يكفرون أهل الإيمانِ بارتكاب الذُّنوب ما كان منها دون الكفر والشِّرك، وأَنَّهم قد خرجوا في خلافة عليٍّ ابن أبي طالبٍ رضي الله عنه وكفَّروا الصَّحابة بما جرى بينهم من القتال واستدلُّوا على ذلك بآيات وأحاديث، لكنَّهم أخطئوا في الاستدلال فإنَّ ما دون الشِّرك والكفر من المعاصي لا يُكفَّر فاعلُه لكنَّه ينهى عنه وإذا أصرَّ على كبيرةٍ ولم يتُبْ منها يجب نهيُه والقيام عليه، وكلُّ منكرٍ يجب إنكاره من ترك واجبٍ أو ارتكاب محرَّمٍ، لكن لا يُكَفَّر إلاَّ من فعل مكفِّراً دلَّ الكتاب والسُّنَّة على أنَّه كفرٌ، وكذا ما اتَّفق العلماءُ على أنَّ فعله أو اعتقاده كفرٌ)) (2).

94. محمَّد بن أحمد المعروف بالشيخ عليش (المالكيّ). ت: 1299هـ

(((باب) في بيان حقيقة الرِّدَّة وأحكامها (الرِّدَّة) أي حقيقتَها شرعاً (كفر) جنس شمل الرِّدَّة وسائر أنواع الكفر الشَّخص (المسلم)، أي الَّذي ثبت إسلامه ببنوَّته لمسلمٍ وإنْ لم ينطق بالشَّهادتين أو بنطقِه بهما عالماً بأركان الإسلام ملتزماً لها والإضافة فصل مخرج سائر أنواع الكفر … وسواء كفر (بـ) قولٍ (صريحٍ) في الكفر كقوله كفر باللهِ أو برسولِ الله أو بالقرآنِ أو الإلهُ اثنان أو ثلاثة أو المسيحُ ابنُ الله أو العزيرُ ابن الله (أو) بـ (لفظٍ يقتضيه) أي يستلزِم اللَّفظُ الكفرَ استلزاماً بيِّنا كجَحْد مشروعيَّة شيءٍ مجمعٌ عليه معلومٌ من الدِّين ضرورةً، فإِنَّه يستلزم تكذيبَ القرآن أو الرَّسول , وكاعتقاد جسميَّة الله وتحيُّزه، فإِنَّه يستلزم حدوثَه واحتياجَه لِمُحْدِثٍ ونفيِّ صفات الأُلوهيَّة عنه جلَّ جلاله وعَظُم شأنه. (أو) بـ (فعلٍ يتضمَّنه) أيّ يستلزم الفعلُ الكفرَ استلزاماً بيِّناً (كإلقاء) أي رمي (مصحفٍ) أي الكتاب المشتملِ على النُّقوش الدَّالَّة على كلام الله تعالى (بـ) شيءٍ (قَذِرٍ) أي مُستقذَرٍ مُستعافٍ ولو طاهراً كبصاقٍ، ومثل إلقائه تلطيخُه به أو تركه به مع القدرةِ على إزالته لأنَّ الدَّوام كالابتداء وكالمصحفِ جزؤه والحديث القدسيُّ والنبويّ ولو لم يتواتر وأسماءُ الله تعالى وأسماءُ الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام)) (1).

95. الشيخ حمد بن عليٍّ بن عتيق. ت:1301هـ

قال في "الدِّفاع عن أهل السُّنَّة والاتِّباع":

((إذا تكلَّم بالكفر من غير إكراهٍ كفرٍ وإنْ كان قلبُه مطمئنَّاً بالإيمان كما أَنَّ من شرح بالكفر صدراً كفر وإِنْ لم يتكلَّم)) (1).

وقال في رسالة "سبيل النجاة والفكاك":

((وفي أجوبة آل الشَّيخ رحمهم الله تعالى لمَّا سئلوا عن هذه الآية وعن قوله ?: (من جامَعَ المشركَ أو سكنَ معَه فهو مثلُه) (2)، قالوا الجواب أَنَّ الآية على ظاهرها، أَنَّ الرَّجل إذا سمِع آياتِ الله يُكْفَر بها ويُسْتهزأُ بها، فجلس عند الكافرين المستهزئين بآيات الله من غيرِ إكراهٍ ولا إنكارٍ ولا قيامٍ عنهم حتَّى يخوضوا في حديثٍ غيره، فهو كافرٌ مثلهم، وإنْ لم يفعل فعلَهم، لأَنَّ ذلك يتضمَّن الرِّضا بالكفر، والرِّضا بالكفر كفرٌ، وبهذه الآية ونحوِها استدلَّ العلماءُ على أنَّ الرِّضا بالذَّنب كفاعله (3)، فإن ادَّعى أَنَّه يكره ذلك بقلبه لم يقبل منه لأَنَّ الحكم بالظَّاهر، وهو قد أظهر الكفر فيكونُ كافراً)) (1).

وقال فيها أيضاً:

((وأمَّا المسألة الثَّالثة وهي ما يُعذَرُ الرَّجل به على موافقةِ المشركين، وإظهارِ الطَّاعةِ لهم، فاعْلَم أنَّ إظهار الموافقة للمشركين له ثلاث حالاتٍ:

الحالة الثَّالثة: أنْ يوافقَهم في الظَّاهر مع مخالفتِه لهم في الباطن، وهو من وجهين: أحدهما أَنْ يفعلَ ذلك لكونه في سلطانهم مع ضربهم وتقييدِهم له، ويتهدَّدونه بالقتل فيقولون له إِمَّا أنْ توافقَنا وتظهِر الانقياد لنا وإلاَّ قتلناك، فإِنَّه والحالة هذه يجوز له موافقتهم في الظاهر مع كون قلبه مطمئنَّاً بالإيمان، كما جرى لعمَّار حين أنزل الله تعالى: ?مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ (2) ?، وكما قال تعالى: ?إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً? (3)، فالآيتان دلَّتا على الحكم، كما نبَّه على ذلك ابن كثير في تفسير آية آل عمران.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير