في هذا من الأنواع الأحناف فقد كتبوا في باب حكم المرتد أنواعاً كثيرة قد يوصلونها إلى أربعمائة مكفِّر وذكروا أن من أنواع الكفر: تصغير المسجد أو المصحف على وزن مسيجد أو مصيحف فينبغي لطلبة العلم أن يعتنوا بهذا؛ وكتاب ((الدرر السنية في الأجوبة النجدية)) فيها مجلد أيضاً في الكفر وأنواعه، والمصادر والمراجع متوفرة والحمد لله.
السؤال الثاني والثلاثون:
ما حكم من يقول: (ليس هناك تكفير للمعين مطلقاً)؟
الجواب:
هذا ليس بصحيح؛ المُعيَّن يُكفَّر، نحن نكفِّر اليهودي بعينه والنصراني بعينه ومن قامت عليه الحجة يكفر بعينه، لأن معنى هذا الكلام وهو عدم تكفير المُعيَّن أنه لا يكون هناك كافر؛ ومن قامت عليه الحجة ممن فعل الكفر والنصراني واليهودي والوثني يكفَّرون ومن كانت عنده شبهة فإنها تزال الشبهة.
السؤال الثالث والثلاثون:
هل يعذر الذي يدعو غير الله أو يستغيث بغير الله لجهله؟
الجواب:
سبق أن تكلمنا على مثل هذا وأن الأصل أنه لا يعذر إذا كان يعيش بين المسلمين وبلغته الدعوة ولكن إذا كان يُلبَّس عليه بسبب علماء السوء وعلماء الباطل فإنه يزال عنه الشبهة ويبين له والأصل أن هذا إنما هو في أهل الفترة، أما بعد مبعثه ? ومن يعيش بين المسلمين فالأصل أنه لا يعذر ومن يدعو غير الله أو يستغيث بغير الله في الغالب أنه يدعو عن عناد وأنه لا يجهل هذا.
السؤال الرابع والثلاثون:
هل هناك فرق بين من يحب الكفار لدينهم ومن يحب بعض الكفار لدنياهم؟
الجواب:
إن كان يحبهم لدنياهم محبة طبيعية كأن يكون قريبه أو لأجل مال فهذه موالاة؛ وإن أحبهم لدينهم فهذا كفر وردة.
السؤال الخامس والثلاثون:
نرجو التفصيل في مسألة العذر بالجهل؟
الجواب:
مسألة العذر بالجهل بيَّنها العلماء - رحمهم الله – وفصَّلها ابن القيِّم - رحمه الله – في طريق الهجرتين وفي ((الكافية الشافية)) وذكرها أئمة الدعوة كالشيخ عبدالله أبابطين وغيرهم وذكر ابن أبي العز شيئاً منها في ((شرح الطحاوية)) وخلاصة القول في هذا: أن الجاهل فيه تفصيل: فالجاهل الذي يمكنه أن يسأل ويصل إلى العلم ليس بمعذور فلابد أن يتعلم ولابد أن يبحث ويسأل، والجاهل الذي يريد الحق غير الجاهل الذي لا يريد الحق، فالجاهل قسمان:
الأول: جاهل يريد الحق.
والثاني: جاهل لا يريد الحق؛ فالذي لا يريد الحق غير معذور حتى ولو لم يستطع أن يصل إلى العلم؛ لأنه لا يريد الحق، أما الذي يريد أن يعلم الحق فهذا إذا بحث عن الحق ولم يصل إليه فهو معذور، والمقصود أن الجاهل الذي يمكنه أن يسأل ولا يسأل أو يمكنه أن يتعلم ولا يتعلم فهو غير معذور؛ أما الجاهل الذي لا يمكنه أن يتعلم فهو على قسمين:
- جاهل لا يريد الحق فهو غير معذور.
- وجاهل يريد الحق ثم بحث عنه ولم يحصل عليه فهذا معذور، والله أعلم.
السؤال السادس والثلاثون:
هل هناك فرق بين المسائل التي تخفى في العادة وبين التي لا تخفى كمسائل التوحيد؟
الجواب:
نعم، الجهل الذي يعذر فيه الجاهل لا يعذر في الأشياء الواضحة؛ إنما الجاهل الذي يُعذر يُعذر في الأشياء التي تخفى على مثله؛ فلو كان هناك إنسان يعيش بين المسلمين ثم فعل الزنا فلما عوقب قال: إني جاهل؛ فلا يقبل منه لأن هذا أمرٌ واضح؛ أو تعامل بالربا وهو يعيش بين المسلمين لا يقبل منه أو عبد الصنم وهو يعيش بين المسلمين في مجتمع موحِّد لا يقبل منه؛ لأن هذا أمر واضح، لكن لو أسلم كافر في مجتمع يتعامل بالربا ويرى الناس يتعاملون بالمعاملات الربوية ثم تعامل بالربا وقال إنه جاهل؛ فهذا مثله يجهل هذا الشيء، أو نشأ في بلاد بعيدة ولم يسمع بالإسلام وليس عنده وسائل هذا معذور، أما الإنسان الذي يفعل أمراً معلوماً واضحاً وهو بين المسلمين فهذا لا يُعذر، فلابد أن تكون المسألة التي يُعذر فيها دقيقة خفية تخفى على مثله ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين في قصة الرجل الذي أمر أهله أن يحرقوه وجمع أهله حينما حضرته الوفاة وقد كان مسرفاً على نفسه فجمع أولاده عند وفاته وقال: أي أبٍ كنت لكم؟ فأثنوا خيراً، فقال لهم:إنه لم يفعل خيراً قط وإن الله إن بعثه ليعذبنه عذاباً شديداً فأخذ المواثيق على بنيه أنه إذا مات أن يحرقوه ثم يسحقوه ثم يذروه في البر؛ وفي بعض الروايات يذرُّوا نصفه في البر ونصفه في البحر وقال: لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً شديداً ففعلوا به ذلك؛ وفي الحديث أن الله أمر كلاً من البر والبحر أن يجمع ما فيه وقال الله له: قم فإذا هو إنسانٌ قائم فقال له: ما حملك على ذلك؟ قال: خشيتك يا رب؛ فرحمه الله، وهذا الحديث فيه كلام لأهل العلم فبعض العلماء يقول: هذا في شرع من قبلنا، وأُجيب بأجوبة ولكن أصح ما قيل فيه ما قرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية: أن هذا الرجل إنما فعل ذلك عن جهل وأنه ظن أنه يفوت الله إذا وصل لهذه الحالة، فالرجل غير منكر للبعث وغير منكر لقدرة الله وهو يعلم أنه لو تُرِك ولم يُحرق ولم يُسحق فإن الله يبعثه؛ يعتقد هذا، لكنه أنكر كمال تفاصيل القدرة وظن أنه إذا وصل لهذه الحالة وأُحرق وسُحق وذُرّ أنه يفوت على الله ولا يدخل تحت القدرة، والذي حمله على ذلك ليس هو العناد ولا التكذيب وإنما الجهل مع الخوف العظيم فغفر الله له، فلو كان عالماً ولم يكن جاهلاً لم يُعذر ولو كان معانداً لم يُعذر ولكنه ليس معانداً ولا عالماً فاجتمع فيه الجهل والخوف العظيم؛ فرحمه الله وغفر له؛ فهذه مسألة خفية دقيقة بالنسبة إليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،
¥