ما الدليل على مشروعية شروط شهادة: أن لا إله إلا الله، من العلم والانقياد والصدق والإخلاص والمحبة والقبول واليقين، وما الحكم في من يقول " تكفي شهادة أن لا إله إلا الله بمجرد قولها دون هذه الشروط "؟
الجواب:
هذا إمّا أنه مضلل، يريد تضليل الناس وإمّا أنه جاهل يقول ما لا يعلم. فلا إله إلا الله ليست مجرد لفظ، بل لا بد لها من معنى ومقتضى، ليست مجرد لفظ يقال باللسان. والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله)، أو قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)، إلا بحق لا إله إلا الله .. فلم يكتف بمجرد قولهم لا إله إلا الله إذا لم يلتزموا بحقها وهو العمل بمقتضاها ومعرفة معناها، فليست لا إله إلا الله مجرد لفظ يقال باللسان .. ومنها تؤخذ هذه الشروط العشرة التي ذكرها أهل العلم.
السؤال الرابع والعشرون:
نرجو تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} الآية تفسيراً مفصَّلاً مع بيان حكم الإكراه في هذه الآية؟
الجواب:
هذه الآية تدل على أن من نطق بكلمة الكفر مكرهاً عليها وهو غير معتقد لها، وإنما قالها ليتخلص بها من الإكراه فإنه معذور. كما في قصة عمّار بن ياسر رضي الله عنه لمّا أجبره المشركون على أن يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآذوه وأبوا أن يطلقوه حتى يسب الرسول صلى الله عليه وسلم، فتكلم بلسانه بما يطلبون منه، وجاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كيف تجد قلبك؟ قال: أجد في قلبي الإيمان بالله ورسوله، فأنزل الله تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ @ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ)
فإذا قال الإنسان كلمة الكفر مكرهاًَ عليها يريد التخلص من الإكراه فقط ولم يوافقه بقلبه فإنها رخصة رخص الله فيها للمكره، وهذه خاصة بالمكره دون غيره. وكذلك في قوله: (إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) أي من الكفار، فهذا في الإكراه، وأما في غير الإكراه فلا يجوز موافقتهم ولا إعطائهم ما يطلبون من كلام الكفر أومن فعل الكفر.
السؤال الخامس والعشرون:
ما حكم موالاة الكفار والمشركين؟ ومتى تكون هذه الموالاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملّة؟ ومتى تكون ذنباً وكبيرة من كبائر الذنوب؟
الجواب:
الله جلّ وعلى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، وقوله سبحانه: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)، فيجب معاداة الكفار وبغضهم وعدم مناصرتهم على المسلمين، وقطع الصلة معهم من ناحية المودة والمحبة وبغض ما هم عليه من الكفر، كل هذا يجب على المسلم أن يقاطعهم فيه وأن يبتعد عنهم ولا يحبهم ولا يناصرهم على المسلمين ولا يدافع عنهم ولا يصحح مذهبهم، بل يصرح بكفرهم وينادي بكفرهم وضلالهم ويحذر منهم.
السؤال السادس والعشرون:
ما هي نصيحتكم لطلبة العلم لمن أراد ضبط مسائل التوحيد والشرك ومسائل الإيمان والكفر؟ وما هي الكتب التي تكلمت عن هذه المسائل وفصَّلتها؟
الجواب:
هذا أشرنا إليه في مطلع الأجوبة، بأن المعتمد في هذا كتب السلف الصالح. فعليه أن يراجع كتب سلف هذه الأمة من الأئمة الأربعة وقبلهم الصحابة والتابعون وأتباعهم والقرون المفضلة، وهذا موجود في كتبهم ولله الحمد، في كتب الإيمان وكتب العقيدة وكتب التوحيد المتداولة المعروفة عن الأئمة الكبار رحمهم الله، مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وكتب الإمام ابن القيم، وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب .. وكتب السلف الصالح: مثل كتاب الشريعة للآجري، والسنة لعبدالله بن الإمام أحمد، والسنّة للخلال، ومثل كتاب العقيدة الطحاوية وشرحها للعز بن أبي العز … كل هذه من كتب أهل السنة ومن العقائد الصحيحة الموروثة عن السلف الصالح فليراجعها المسلم. ولكن كما ذكرنا لا يكفي الاقتصار على مطالعة الكتب وأخذ العلم عنها بدون معلم وبدون مدرس، بل لا بد من اللقاء مع العلماء ولابد من الجلوس في حلقات التدريس، إما الفصول الدراسية وإما في حلق العلم في المساجد ومجالس العلم، فلا بد من تلقي العلم عن أهله سواء في العقيدة أو في غير العقيدة، و لكن العقيدة الحاجة أشد في هذا لأنها هي الأساس، ولأن الغلط والخطأ فيها ليس كالخطأ والغلط في غيرها.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
¥