ـ[عبدالله بن عبدالرحمن]ــــــــ[16 - 04 - 03, 01:56 م]ـ
الهداية للشيخ عبدالرحمن عبدالخالق (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للهِ ربِّ العالمين، إله الخَلْقِ أجمعين، ربِّ العرش الكريم، الملك الحق المبين، الذي أرسل رُسله الكرام للدعوة إلى صراطه المستقيم، والدين القويم دين الإسلام العظيم الذي لا يقبل الله من أحد سواه يوم الدين قال تعالى:?إِنَّ الدِّينَ عندَ اللهِ الإسلامُ?، وقال تعالى:?ومَنْ يَبْتَغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فلن يُقْبَلَ منه وهو في الآخرةِ من الخاسرين?، وقال تعالى: ?وما أرسلنا من رسولٍ إلا ليطاعَ بإذنِ اللهِ?.
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ونذيراً للناس أجمعين، وبشيراً لعباد الله المؤمنين القائل: " من أَطاعَني دخلَ الجنةَ، ومن عصاني فقد أَبَى ".
والسلام والرِّضوان على أصحابه الغُرِّ الميامين، الذين لَبَّوْا نداءَه، وأطاعوا أمره، واستجابوا لله ورسوله؛ فأقاموا الدين، وقاتلوا الكُفْرَ والكافرين، وكانوا كما وصفهم الله: ?محمدٌ رسولُ اللهِ والذين معَهُ أَشِدَّاءُ على الكفارِ رُحماءُ بينَهم تَرَاهُم رُكَّعاً سُجَّداً يَبتغون فضلاً من اللهِ ورِضواناً سيماهُم في وُجوهِهِم من أثرِ السُّجودِ ذلك مَثَلُهُم في التوراةِ ومَثَلُهُم في الإنجيلِ كزرعٍ أخرجَ شَطْأَهُ فآزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ فاستوى على سُوقِهِ يُعجِبُ الزُّرَّاعَ ليغيظَ بِهِمُ الكفارَ وعد اللهُ الذينَ ءامنوا وعملوا الصالحاتِ منهُم مَغفرةً وأجراً عظيماً?.
ومن بعده? قاتلوا المرتدين مانعي الزكاة المفرقين بين الصلاة والزكاة، والزاعمين أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله، فقاتلوهم قتال الكافرين، واستحلوا منهم الدماء والأموال والأولاد، وأجمعوا كلهم على كفر تارك الصلاة؛ فحفظوا بذلك حقيقة الدين فاستحقوا موعود الله بالنصر والإعزاز والتمكين: ?وعدَ اللهُ الذينَ ءامنوا منكم وعملوا الصالحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأرضِ كما استخلفَ الذين من قبلِهم ولَيُمَكِّنَنَّ لهم دينَهُمُ الذي ارتَضَى لهم ولَيُبَدِّلَنَّهُم من بعدِ خوفِهِم أمْناً يَعْبُدونَني لا يُشرِكون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون?.
أما بعدُ:
فإنه قد نشأ في المسلمين في أواخر عهد الصحابة، ولم يكن أحد منهم صحابياً. من زعم أن الإيمان الذي ينجو به صاحبه من الخلود في النار هو شهادةُ أن لا إله إلا الله: قولُها باللسان، والإقرارُ بها في القلب فقط، وإنه إذا لم يعمل عملاً قط من الأعمال الصالحة اختياراً لا اضطراراً: لا صلاة، ولا زكاة، ولا حجاً، ولا عُمْرَة، ولا بَرَّ والديه، ولا وَصَلَ أرحامَه، ولا اغتسل من جنابة، أو تَطَهَّرَ من نجاسة، ولم يَأْتَمِرْ بأمر من أوامر الله قط، فإن كل ذلك لا ينقض أصل إيمانه، ولا يُخْرِجُه من ملة الإسلام.
وكذلك لو فعل كل المُكَفِّرات، وارتكب جميع الموبِقات، فسجد لغير الله، ودعا غيرَ الله، وأحلَّ ما حرَّمَ الله، وحرَّم ما أحلَّ الله، وحكم في كل أَمْرِه، وأمرِ غيره بحكمِ غيرِ اللهِ، بل ولو سبَّ اللهَ، وسبَّ رسولَه، وسبَّ دينَه، ولكن فعل ذلك كله في ظاهر الأمر، ولم يكن يعتقد هذا بقلبه فإنه -في زعمهم- يبقى على الإيمان، ولا يخرج منه إلى الكفران!!
وزعموا أن هذا الذي لم يسجد لله سجدة، ولم يأتمر بأمر واحد من أوامره، وفعل كل هذه المكفرات، زعموا أن رحمة الله في الآخرة تنالُه، وأنه من أهل شفاعة الرحمن، وأنه وإن عُذِّبَ يوماً في النار إلا أنه تُدْرِكُه الشفاعة ما دام أنه كان يشهد أن لا إله إلا الله بقلبه ولسانه.
وأقول: لما ظهر هذا المذهب الخطير، والمقالة الكافرة الفاجرة في أهل الإسلام؛ قام التابعون وتابعوهم بإحسان وأئمة الإسلام وأهل الحديث والسنة والجماعة فصاحوا بأهل هذه المقالة في كل مكان؛ فكفروهم، وحذروا من مذهبهم الخبيث الذي يهدم الدين من أساسه، ويُفرغُ الإسلام من اسمه وموضوعه وغايته. وسَمَّوْا أهل هذه المقالة باسم بِدْعَتِهِم وهي بدعة الإِرْجاء.
¥