تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعندما يقول (لفظي بالقرآن غير مخلوق) يحتمل أمرين أحدهما حركة اللسان وباطل أن يُقال هذا غير مخلوق , والآخر المتلو المقروء وهذا غير مخلوق , ولذا كان الصواب التفصيل , فإن قصد به الملفوظ فهو كلام الله غير مخلوق , وإن أراد حركة اللسان والحنجرة وصوت العبد فهو مخلوق , فالصوت صوت القاري والكلام كلام الباري , الكلام إنما يضاف إلى من قال ابتداءً لا إلى من قال إبلاغاً وأداءً , ولذا قال الإمام أحمد (القرآن كلام الله حيثما توجه) أي سواءً حُفظ في الصدور , أو كُتب في السطور , أو تُلي بالألسن , أو سُمع بالآذان.

والعلة في نهي الناظم عن قول اللفظية هي المُبَينة في قوله (فإن كلام الله باللفظ يوضح) وهذا معنى قول أهل السنة والجماعة (القرآن كلام الله ألفاظه ومعانيه ليس كلام الله دون المعنى ولا المعنى دون اللفظ , واللفظ به يُوضِّح المعنى , ويُبين المراد , ويجلي المقصود).

وإلى اللقاء في شرح أبيات رؤية الله

ـ[العوضي]ــــــــ[04 - 05 - 03, 06:25 ص]ـ

6 - وقل يتجلى الله للخلقِ جهرةً --- كما البدر لا يخفى وربك أوضحُ

الرؤية حق دل عليها الكتاب والسنة المتوارتة , وأجمع عليها المسلمون , ولا ينكر الرؤية إلا الجهمية الضُّلال ومَنْ تأثر بهم , وقد قال بعض السلف مثل الشافعي رحمه الله (من أنكر رؤية الله حري أن يحرم منها)

(وقل) الخطاب مُوجه لصلحب السنة ومن يريد اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولزوم أمره واقتفاء أثره , وأما صاحب الهوى والآراء والمنطق وغير ذلك فإنه لا يقيم للسنة وزناً ولا يرفع بها رأساً ولا يعبأ بها.

ثل يا صاحب السنة غير متردد ولا شاك (يتجلى) التجلي هو الظهور والبيان أي يظهر (الله للخلق) والمراد بالخلق المؤمنون , فهم الذين ينعم عليهم سبحانه يوم القيامة برؤيته ويكرمهم بالظنر إليه , بل إن رؤيتهم له سبحانه هي أجلُّ مقاصدهم وأعظم غاياتهم وأهدافهم , ومن دعائهم (اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة) وهو من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه.

أما الكفار فلا يرونه , كما في قوله تعالى (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (المطففين15) ولئن كان حجبُ الكفار عن رؤية الرب العظيم نوعاً من العقوبة , فإن تمكين المؤمنين منها أجلُّ هبة وأعظم عطية.

(جهرة) أي عياناً جهاراً ليس بينهم وبين الله ما يحجبهم (كما البدر لا يخفى) البدر: هو القمر ليلة الرابع عشر عندما يمتلئ نوراً , وعندما لا يكون بيننا وبينه سحاي , فإن المؤمنين يرونه جميعاً ولا يحتاجون إلأى تضام وتزاحم لرؤيته ساأن الأشياء الدقيقة , وكذلك لا يتضارُّون في رؤيته فلا يحصل لأحد ضرر في رؤيته , وكل ذلك يؤكد أن الرؤية تكون حقيقة وبيسر وسهولة , فإن الشمس والقمر يراهما الناس بأبصارهم رؤية حقيقية دون عنت أو مشقة والنبي صلى الله عليه وسلم قال (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ... ) (2) , والكاف للتشبيه هنا للرب بالقمر أو الشمس - تعالى الله عن ذلك - وإنما التشبيه هنا للرؤية بالرؤية , وليس للمرئي بالمرئي , أي كما أن رؤية القمر تكون للناس حقيقةً عياناً بأبصارهم , فكذلك رؤية الله تكون حقيقةً عياناً بأبصارهم.

(كما) الكاف للتشبيه , و (ما) زائدة , أي كالبدر.

(وربك أوضح) القمر من مخلوقات الله ومع ذلك يراه الناس ليلة البدر عياناً بدون ضيم وضرر ونحو ذلك , فكيف بالرب الخالق تعالى؟! فإنه أوضح من كل شيء سيراه المؤمنون بأبصارهم هياناً على الحقيقة.

قوله (وربك) أي: أيها المخاطًب بهذا النظم , وهو رب الخلائق أجمعين , رباهم بنعمه لا ربًّ لهم سواه ولا خالق لهم غيره.

وربوبيته لخلق نوعان:عامة و خاصة , فأما العامة بالخلق والرزق والإنعام والصحة ونحو ذلك من الأمور التي هي عام في المؤمن والكافر والبر والفاجر , وأما الخاصة فهي التربية على الإيمان والهداية للطاعة والتوفيق للعبادة وهذه مختصة للمؤمنين.

وإلى اللقاء في في شرح البيت السابع وهو متعلق بنفس الموضوع (إثبات رؤية الله عزوجل)


1 - أخرجه النسائي في سننه برقم 1305 , وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي برقم 1304

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير