2 - أخرجه البخاري برقم 554 , ومسام برقم 633
ـ[العوضي]ــــــــ[06 - 05 - 03, 12:28 ص]ـ
7 - وليس بمولدٍ وليس بوالدٍ --- وليس له شِبْهٌ تعالى المُسبحُ
هذا البيت ذكره الناظم بعد إثبات الرية لله , ليبين به أن إثباتها حقيقةً لا يستلزم تشبيه الله بالمولود أو بالولد , ولا يستلزم التشبيه , لأن أهل السنة يثبتون الصفات على وجه يليق بالله تعالى , والإضافة تقتضي إلى المخلوق , فعندما تضاف الصفة إلى الله فإنها تليق بكمال الله , وإذا أضيفت إلى المخلوق فإنها تليق بضعفه ونقصه.
ومن هنا يعلم أن مقالة التعطيل أساسها التثميل , فالمعطل بلغ درجة التعطيل لما مثل , فلم يفهم من الصفة التي أضيفت إلى الله إلا عين الصفة التي يعلمها من المخلوق , فكل معطل سائر تحت هذا الوهم الفاسد كما قال أحد هؤلاء يصف المتكلمين (أناس مضوا تحت التوهم يظنون أن الحق معهم ولكن الحق وراءهم) , هذا ذكره الهبي عن أبي حيان في التوحيدي , ثم قال (وأنت حامل لوئهم).
يقولون: لو أثبتنا الرؤية لله حقيقةً , لأثبتنا له الجسمية ولشبهناه بالمخلوق الحادث , لأن الرؤية لا تقع إلا على ذي جسم , وهذا قياس فاسد , حيث قاسوا الله بالمخلوق , ولهذا قال السلف (ولا يقاس بخلقه) , فالناظم جاء بهذا البيت ليزيل التوهم الذي قد يأتي , وهذا التوهم جاء بعد مقالة الجهمية , وأما قبلها فلا وهم , فإن الصحابة لم يخطر ببالهم شيء من ذلك.
أي مع أنه يُرى يوم القيامة حقيقةً بالأبصار.
(ليس بمولود وليس بوالد) أي لم يتفرع عن غيره ولم يتفرع عنه غيره , وهذا مأخوذ من قوله تعالى (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (الإخلاص 3 - 4)
(وليس له شبه) أي: الله سبحانه وتعالى , والشبه هو المثيل والنظير , والله لا شبيه له ولا مثيل ولا نظير لا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله.
قال الله تعالى ( ... لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى11)
وقال تعالى ( ... هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (مريم65)
وقال (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (الإخلاص4)
وقال (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة22)
ويؤخذ من هذا أن إثبات الصفات لا يقتضي التمثيل فإن التمثيل أمر آخر غير إثبات الصفات.
يقول الإمام أحمد رحمه الله (المشبه يقول يدي كيدي وسمع كسمعي ... والله يقول (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) , فالذي يثبت الصفات لله على الوجه الذي يليق به ليس بمشبهة , وإنما الشمبه الذي يشبه صفات الله بصفات خلقه , وأهل السنة مطبقون على ذم هؤلاء المشبهة , وأن مقالتهم كفر وضلال.
والمعطلة يرمون اهل السنة بالتشبيه , إما لأنهم لم يفهموا مقالتهم , لأو أنهم أصحاب أغراض سيئة وقصد فاسد.
(تعالى) أي عن الشبيه والنظير أي ارتفع قدره وجل شأنه وتعاظم أن يكون له شبيه أو نظير فهو ينزه الله عن ذلك. والتعالي من العول وهو الرفعة , وهو ثابت لله ذاتاً وقدراً وقهراً.
(المسبح) أي المنزَّه , لأن التسبيح في اللغة التزيه , وهذا التسبيح عبادة مقربة لله ورد الأمر بها في مواطن كثيرة , بل جاء الترغيب والحث على الإكثار من الستبيح في الأوقات المختلفة , ورُتِّب على القيام به في الأجور العظيمة والثواب الجزيل وفي الحديث (من قال حين يصبح سبحان الله وبجمده مائة مرة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر) (1) , وهو كلام الحبيب إلى الرحمن كما في الحديث (كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله بحمده , سبحان الله العظيم) (2) وفي الحديث (أحب الكلام إلى الله: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) (3).
وتسبيح الله يكون عما لا يليق به.
وأما المعطلة فيفهمون من التسبيح تنزيه الله عن الصفات , ولذا يقولون: سبحان الله المنزه عن الصفات , قال أحد أهل العلم (فانظروا إلى تسبيح الجهمية كيف أدى بهم إلى التعطيل) , فهذ التسبيح أدى بهم إلى هذا الزيغ والضلال.
ولا يجوز لمسلم أن يسبح الله عما جاءت به المرسلون , وإنما يجب تسبيح الله عما جاء به أعداء الرسل المخالوفن لهم , ولذن قال تعالى (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) أي: أعداء الرسل (وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) (الصافات180 - 181) نزه نفسه عما يصفه به أعداء الرسل لأنه يتضمن الشتبيه والتعطيل , وسلم على المرسلين , لسلامة ما قالوه في حق الله من النقص والعيب.
ومن أسماء الله (القدوس والسلام) وهما من أسماء التنزيه فيُنزه الله عن أن يوصف بصفات نقص أو أن يوصف بالنقص , ويُنزه سبحانه عن أن يُشبه أحداً من خلقه أو يُشبه أحدٌ من خلقه , يُنزه سبحانه عن أن يوسف بما لا يليق به , أمَّا أوصافه سبحانه اللائقة بجلاله وكماله فليس من الستبيح في شيء نفيها وتعطيلها.
وإلى اللقاء في شرح البيت الثامن وهو متعلق بنفس الموضوع.
ــــــــــــ
(1) أخرجه البخاري برقم6405 , ومسلم برقم2691 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه البخاري برقم6406 , ومسلم برقم2694 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) أخرجه مسلم برقم2137 من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه.
¥