وقد جاء في بعض روايات حديث النزول أن أبواب السماء تفتح وقت النزول الإلهي , ففي المسند للإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عزوجل إلى السماء الدنيا , ثم تفتح أبواب السماء , ثم يبسط يده فيقول: هل من سائل يعطى سؤله فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر) (1).
(1) المسند رقم 3672
وإلى اللقاء في شرح البيت الثالث عشر
ـ[العوضي]ــــــــ[27 - 05 - 03, 07:26 م]ـ
13 - يقولُ أَلا مُستغفرٌ يَلقَ غافراً --- ومُستمنحٌ خيراً ورِزْقاً فُمنحُ
(يقول) أي الله سبحانه عندما ينزل , فالقائل هو الله , لأنه لا يصح أن يقول المَلَك (من يستغفرني من يسألني من يدعوني) وهذا يبين بطلان قول الجهمية: إن الذي ينزل هو المَلَك , لأنه لو كان الذي ينزل هو المَلَك لقال: ‘ن الله يغفر الذنوب فمن يستغفره , كما في الحديث الآخر (إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني أحبٌّ فلاناً فأحبه فيحبُّه جبريل وينادي أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه ... ) (1) الحديث.
وجاء في بعض روايات حديث النزول أن الله يقول (لا أسألُ عن عبادي أحداً غيري) (2) وهي مبطلة لمقالة هؤلاء , لأن هذا لا يمكن أن يقول إلا الله.
(أن مستغفرٌ) , (ألا) أداة تخصيص , فهو يخص على الاستغفار والإستمناح , والمستغفر: طالب الغفران.
(يلق غافراً) هو الله الغفور ذو الرحمة سبحانه وتعالى ( ... وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ... ) (آل عمران135).
(مستمنح) من يطلب المنح وهو العطاء , أي يسأل الله الخيرَ والرزقَ , والخيرُ شاملٌ لأمور كثيرة.
(فيمنَح) أي قيمنحه الله حاجته ويعطيه سؤله , فإن خزائنه ملآى لا يغسضها نفقة , يقول تعالى في الحديث القدسي (يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني وأعطيت كلَّ واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما يُنقص المخيط إذا غمس في البحر) (3).
(1) أخرجه البخاري برقم 6040 ومسلم برقم 2637 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) أخرجه أحمد برقم 16316
(3) أخرجه مسلم برقم 2577 من حديث أبي ذر رضي الله عنه
وإن شاء الله غدا مع شرح للبيت الرابع عشر
ـ[العوضي]ــــــــ[01 - 06 - 03, 11:33 ص]ـ
14 - روى ذاك قومٌ لا يردُّ حديثُهم --- ألا خابَ قومٌ كذبوهم وقُبِّحوا
ثم ذكر الناظم رحمه الله دليل النزول فقال:
(روى ذاك قوم لا يرد حديثهم) الإشارة بقوله (ذاك) إلى النزول الإلهي الثابت , أي: الذي رووا حديث النزول ثقات أثبات لا يرد حديثهم بل يتلقى بالقبول , والحديث متواترٌ , نص على ذلك غير واحد من الأئمة منهم: شيخ الإسلام في (شرح حديث النزول) , وابن القيم في (الصواعق المرسلة) والذهبي في (العلو) والسيوطي في (الأزهار المتناثرة) , والكتاني , وقد ذكر ابن القيم في (الصواعق) أن ثمانية وعشرين صحابياً رووه , وذكرهم.
(ألا خاب) (ألا) أداة استفتاح و تنبيه , أي خسر الذين كذبوا هؤلاء الرواة الأثبات نقلوا النزول عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء الذين كذبوا الصحابة في هذه الأمور قبلوا عنهم أحاديث الأحكام , فَلِم هذا التفريق؟! قال عباد بن العوام (قدم علينا شريك فسألته عن الحديث " إن الله ينزل ليلة النصف من شعبان (1) " قلنا: إن قوماً ينكرون هذه الأحاديث!! قال فما يقولون؟ قلنا: يطعنون فيها , فقال: إن الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن وبالصلاة والحج وبالصوم , فما يُعرف الله إلا بهذه الأحاديث).
وهذا الضلال مبنيٌّ على القاعدة التي قعدها المعتزلة: أن خبر الآحاد لا يقبل في العقيدة , مع أن حديث النزول متواتر , فما الضابط عندهم؟ ومن يتأمل يجد أنَّ الضابط عند هؤلاء هو: أنَّ كلَّ حديث خالف مذهبهم ردوه بحجة أنَّه خبر آحاد وإن كان متواتراً , وكل حديث وافق هواهم قبلوه ولو كان مكذوباً , ولذا اعتمدوا على الحديث المكذوب (أو ما خلق الله العقل) , فالقوم أصحاب أهواء.
¥