الرد عليه: فهو يقصد ما جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر رحمه الله 5/ 351 في قصة أبي بصير قال الحافظ: و في رواية موسى بن عقبة عن الزهري فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير رضي الله عنه فقدم كتابه وأبو بصير رضي الله عنه يموت فمات و كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده فدفنه أبو جندل مكانه و جعل ثم قبره مسجدا.
قال و قدم أبو جندل رضي الله عنه ومن معه إلى المدينة فلم يزل بها إلى أن خرج إلى الشام مجاهدا فاستشهد في خلافة عمر رضي الله عنه. اهـ.
فهذه الرواية من مراسيل الزهري كما يظهر لمن تأمل أسانيد الحديث (2731 و2732) و قد كان كلام الحافظ على أدراجات الزهري و إرسالاته في الحديث فتبين أن هذه القصة لا تصح فلا يجوز الإحتجاج بها ورد النصوص الصريحة الصحيحة في النهي عن ذلك.
فالله المستعان وحسبنا الله و نعم الوكيل من تلبيس الجفري على الناس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الجفري: و جاء في القرآن: ((قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليه مسجدا)). أقرب التفاسير تفسير الجلالين. لو قرأت لوجدت أن الذين غلبوا علي أمرهم هم المؤمنون , لذلك لا يتأتى أن نختلف مع من قبلنا في أمر يتعلق بالعقيدة. اهـ.
الرد عليه: قد اختلف السلف في تفسير هذه الآية كما ذكر ابن جرير وغيره و إن كان الأقرب أن الذين غلبوا على أمرهم هم السلاطين الكفار.
وعلى وجه التنازل فلو كان هذا جائزا في شرع من قبلنا فشرعنا جاء بالمنع من ذلك.
تأمل كلام الإمام القرطبي رحمه الله - مع بعض اختصار - في ما ذكره حول هذه الآية تفسير القرطبي ج:10 ص:379 و تنشأ هنا مسائل ممنوعة و جائزة فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها و البناء عليها إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع لا يجوز لما روى أبو داود والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج)).
قال الترمذي وفي الباب عن أبي هريرة وعائشة حديث ابن عباس حديث حسن. اهـ.
و روي في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن ألئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا و صوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله تعالى يوم القيامة)). لفظ مسلم.
قال علماؤنا وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد.
و روى الأئمة عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تصلوا إلى القبور و لا تجلسوا عليها)) لفظ مسلم.
أي لا تتخذوا قبلة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل اليهود والنصارى فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك
فقال: ((اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد)).
و روى الصحيحان عن عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالا: لما نزل (أي سكرات الموت) برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا)).
و روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أن يجصص القبر و أن يقعد عليه و أن يبنى عليه)).
و أخرجه أبو داود والترمذي أيضا عن جابر رضي الله عنه قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ)) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
و روى مسلم في الصحيح عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ((ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته)) و في رواية ((ولا صورة إلا طمستها)). وأخرجه أبو داود والترمذي.
¥