وقال أبو إسماعيل الأنصاري الملقب بشيخ الإسلام في مناقب الإمام أحمد لما ذكر كلامه في مسألة القرآن وترتيب حدوث البدع قال وجاءت طائفة فقالت لا يتكلم بعد ما تكلم فيكون كلامه حادثا قال وهذه أغلوطة تقذى في الدين غير عين واحدة فانتبه لها أبو بكر بن خزيمة وكانت نيسابور دار الآثار تمد إليها الدأيات وتشد إليها الركائب ويجلب منها العلم فابن خزيمة في بيت ومحمد بن اسحاق يعنى السراج في بيت وأبو حامد ابن الشرقي في بيت قال فطار لتلك الفتنة الإمام أبو بكر فلم يزل يصيح بتشويهها ويصنف في ردها كأنه منذر جيش حتى دون في الدفاتر وتمكن في السرائر ولقن في الكتاتيب ونقش في المحاريب أن الله متكلم إن شاء تكلم وإن شاء سكت قال فجزى الله ذلك الإمام وأولئك النفر الغر عن نصر دينه وتوقير نبيه خيرا
قلت لفظ السكوت يراد به السكوت عن شيء خاص وهذا مما جاءت به الآثار كقول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تسألوا عنها والحديث المعروف عن سليمان مرفوعا وموقوفا الحلال ما أحله الله في كتابه والحرام ما حرمه الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى عنه والعلماء يقولون مفهوم الموافقة أن يكون الحكم في السكوت عنه أولى منه في المنطوق به ومفهوم المخالفة أن يكون الحكم في السكوت عنه مخالفا للحكم في المنطوق به
وأما السكوت مطلقا فهذا هو الذي ذكروا فيه القولين والقاضي أبو يعلى وموافقوه على أصل ابن كلاب يتأولون كلام أحمد والآثار في ذلك بأنه سكوت عن الأسماع لا عن التكليم وكذلك تأول ابن عقيل كلام أبي إسماعيل الأنصاري
وليس مرادهم ذلك كما هو بين لمن تدبر كلامهم مع أن الأسماع على أصل النفاة إنما هو خلق إدراك في السامع ليس شيئا يقوم بالمتكلم فكيف يوصف بالسكوت لكونه لم يخلق إدراكا لغيره
فأصل ابن كلاب الذي وافقه عليه القاضي وابن عقيل وابن الزاغوني وغيرهم أنه منزه عن السكوت مطلقا فلا يجوز عندهم أن يسكت عن شيء من الأشياء إذ كلامه صفة قديمة لازمة لذاته لا تتعلق عندهم بمشيئته كالحياة حتى يقال إن شاء تكلم بكذا وإن شاء سكت عنه
ولا يجوز عندهم أن يقال إن الله سكت عن شيء كما جاءت به الآثار بل يتأولونه على عدم خلق الإدراك والله منزه عن الخرس باتفاق الأمة هذا مما احتجوا به على قدم الكلام وقالوا لو لم يكن متكلما للزم اتصافه بضده كالسكوت والخرس وذلك ممتنع عندهم سواء قيل هو سكوت مطلق أو سكوت عن شيء معين.انتهى
وجزيتم خيرا
ـ[محمد بن أبي أحمد]ــــــــ[05 - 06 - 03, 09:08 ص]ـ
بارك الله فيك يا خادم أهل الحديث نقل شاف كاف.
هذا الذي ينقله شيخ الإسلام عن السلف أن الله يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء على أن بكون السكوت صفة فعل
جزاك الله خيرا
ـ[عبد السلام هندي]ــــــــ[06 - 06 - 03, 02:53 ص]ـ
اقتنعت بكلام الشيخ صالح أكثر من غيره ..
هل هو الشيخ صالح المنجد أم غيره .. ؟؟؟
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[22 - 07 - 03, 07:38 ص]ـ
قال إمام الأئمّة أبوبكر بن خزيمة (رحمه الله) في كتاب التوحيد (1/ 349):
والبيان: أن كلام ربنا لايشبه كلام المخلوقين، لأن كلام الله كلام متواصل، لا سكت بينه، ولا سمت، لا ككلام الآدميين الذي يكون بين كلامهم سكت وسمت، لانقطاع النفس أو التذاكر، أو التذاكر، أو العيّ، منزه الله مقدس من ذلك أجمع تبارك وتعالى. اهـ.
ـ[الموحد99]ــــــــ[22 - 07 - 03, 03:48 م]ـ
لو قيل:
نثبت صفة السكوت هكذا بدون تحديد أحد المعنيين لورود السنة به
تنبيه:
تلاحظ في النقل عن الشيخ صالح أنه قال:
وهذا السكوت الذي وصف الله -جل وعلا -به ليس هو السكوت المقابل للكلام، أهـ
وهذا يدل على أن الشيخ يرى أن الله سبحانه وتعالى يوصف بالسكوت الذي هو سكوت يقابل به إظهار الحكم، فالله -جل وعلا -سكت عن التحريم، بمعنى لم يحرم، لم يظهر لنا أن هذا حرام، فالسكوت هنا من قبيل الحكم، سكوت عن الحكم، ليس سكوتا عن الكلام،
والله أعلم
ـ[نواف البكري]ــــــــ[23 - 07 - 03, 08:26 ص]ـ
إخواني لا تتعجلوا ....
فإن من قواعد أهل السنة في الصفات أن لا يثبتوا ولا ينفوا صفة عن الله تعالى إلاّ بدليل، فعجباً لمن تعجل وقال يسكت والآخر قال لا يسكت؟، فلماذا احتج شيخنا المحبوب صالح آل الشيخ على أن الله لا يوصف بالسكوت بأنه لم يرد ذلك عن السلف فيقال له:
وهل ورد نفيه عن الله على لسان السلف
مع أن الذي أراه هو إثبات السكوت له عز وجل لصريح القران والسنة ومفهومهما
أما الصريح فالله تعالى قد خاطب أقواما في القران الكريم كما في قوله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة .. ) فلو اتصل الكلام من الله تعالى من غير سكوت فمتى يكون رد الملائكة عليه بقولهم (أتجعل فيها من يفسد .. ).
ولذلك من عقيدة أهل البدع، وهو اختيار ابن حزم أن كلام الله تعالى كله ومنه القران جاء جملة واحدة لم تسبق الألف اللام والميم؟؟ وقد أشار لذلك ابن القيم في " النونية "، بينما عند أهل السنة فالكلام حادث الإحاد يتكلم الله متى شاء، وهذه صفات الأفعال، ويصح فيها أن تثبت وأن تنفى، لتعلقها بالمشيئة، فالله يغضب ولا يغضب، ويرضى ولا يرضى، وينزل ولا ينزل ونحو ذلك من صفات الأفعال.
وأما صريح السنة فالأحاديث السابقة وفيها (وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ) وفي رواية (سكت عن أشياء)
فلم يذكر الحكم هنا، ونسب السكوت لله عز وجل فكيف يأتي آخر ويقطع هذه النسبة بغير دليل.
الحاصل أن الخوض في الأسماء والصفات مهلكة، ومن قواعد العلماء أن باب الوعد والوعيد، وباب القدر، وباب الأسماء والصفات مزالق زلت فيها أقدام جهابذة العلماء فيكيف بنا طلاب العلم؟؟
والله ولي التوفيق
¥