وقد يكون بالفعل كما في بيع المعاطاة. وقد يكون بالكتابة. ويكون الإيجاب بالرسالة أو الرسول , إذ يعتبر مجلس تبليغ الرسالة أو الرسول , وعلمه بما فيها , هو مجلس الإيجاب. وينظر تفصيل ذلك , والخلاف فيه , في أبواب المعاملات المختلفة وخاصة البيوع ,
شروط صحة الإيجاب في العقود:
5 - يشترط لصحة الإيجاب في العقود شروط أهمها: أهلية الموجب , وتفصيل ذلك في مصطلح (صيغة , وعقد).
خيار الإيجاب:
6 - يرى بعض الفقهاء - مثل الحنفية - أن للموجب حق الرجوع قبل القبول , وقال المالكية: إن الموجب لو رجع عما أوجبه لصاحبه قبل أن يجيبه الآخر , لا يفيده رجوعه إذا أجابه صاحبه بالقبول , ولا يملك أن يرجع وإن كان في المجلس.
أما الشافعية والحنابلة فإنهم يرون خيار المجلس , وهو يقتضي جواز رجوع الموجب عن إيجابه حتى بعد قبول العاقد الآخر , فمن باب أولى يصح رجوعه قبل اتصال القبول به.
قبول التعريف:
- القبول في اللغة من قبل الشيء قبولا وقبولا: أخذه عن طيب خاطر , يقال: قبل الهدية ونحوها. وقبلت الخبر: صدقته , وقبلت الشيء قبولا: إذا رضيته , وقبل العمل: رضيه. والقبول: الرضا بالشيء وميل النفس إليه ,
وقبل الله الدعاء: استجابه. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي , فيجعله الفقهاء علامة على الرضا بالشيء في العقود , كالبيع والإجارة ونحو ذلك , وبمعنى تصديق الكلام , وذلك كما في الشهادة , وبمعنى الأخذ , وذلك كما في البيع بالتعاطي , وكما في قبض الهبة والهدية.
الألفاظ ذات الصلة: (الإيجاب):
2 - الإيجاب لغة: الإلزام , يقال: أوجب الأمر على الناس إيجابا: أي ألزمهم إلزاما , ويقال: وجب البيع , أي: لزم وثبت. ومن معانيه اصطلاحا: اللفظ الذي يصدر من أحد المتعاقدين يوجب به أمرا على نفسه. وهو بهذا المعنى يكون شطر الصيغة في العقود , ويكون القبول هو الشطر الآخر المتمم للصيغة. وعرفه الحنفية بأنه: ما يذكر أولا من كلام أحد المتعاقدين , والقبول ما يذكر ثانيا من الآخر , سواء كان: بعت أو اشتريت.
ما يكون به القبول:
3 - القبول قد يكون باللفظ كقول المشتري - بعد إيجاب البائع - قبلت , أو رضيت. وقد يكون بالفعل كما في البيع بالتعاطي. وقد يعتبر السكوت قبولا دلالة , جاء في الدر المختار: القبول من المودع صريحا كقبلت , أو دلالة كما لو سكت عند وضعه , فإنه قبول دلالة. وقد يكون القبول بالإشارة , فإن إشارة الأخرس المفهومة تقوم مقام نطقه. وقد يكون بالكتابة , فالكتابة بالقبول ينعقد بها التصرف لأنها قبول.
(الحكم التكليفي):
4 - القبول قد يكون واجبا كمن تعين للقضاء بأن لم يصلح غيره , فيجب عليه القبول , فإن امتنع عصى , وللإمام إجباره على القبول. وقد يكون القبول مستحبا , كقبول الهبة والهدية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت , ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت} , وقبل النبي صلى الله عليه وسلم هدية النجاشي وتصرف فيها وهاداه أيضا وقد يكون القبول حراما , كقبول الرشوة , وخاصة ما يبذل للحاكم ليحكم بغير الحق لقول عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما: {لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي}.
وقد يكون القبول مباحا , كالقبول في العقود. وقد ذكر الشيخ عليش في الوديعة ما يجعل قبولها واجبا أو حراما أو مكروها أو مباحا ومثل ذلك في حاشية ابن عابدين.
تقدم القبول على الإيجاب:
5 - القبول عند جمهور الفقهاء هو ما يصدر ممن يتملك المبيع أو القرض , أو ممن ينتفع به كالمستأجر والمستعير , أو ممن يلتزم بعمل كالمضارب والمودع , أو ممن يملك الاستمتاع بالبضع كالزوج , وسواء صدر القبول أولا أو آخرا , والإيجاب عندهم هو ما يصدر من البائع والمؤجر وولي الزوجة وهكذا , وسواء صدر الإيجاب أولا أو آخرا , وعلى ذلك فإنه يجوز أن يتقدم القبول على الإيجاب أو يتأخر عنه , وذلك لتحديد القابل والموجب.
¥