تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلا أن الحنابلة يخالفون المالكية والشافعية في عقد النكاح , فلا يجوز عندهم تقدم الإيجاب على القبول فيه قالوا: لأن القبول إنما يكون للإيجاب , فمتى وجد قبله لم يكن قبولا لعدم معناه , بخلاف البيع , لأن البيع يصح بالمعاطاة , ولأنه لا يتعين فيه لفظ , بل يصح بأي لفظ كان مما يؤدي المعنى.

أما الحنفية فالقبول عندهم هو ما يذكره الطرف الثاني في العقد دالا على رضاه بما أوجبه الطرف الأول. فهم يعتبرون الكلام الذي يصدر أولا إيجابا والكلام الذي يصدر ثانيا قبولا , وسواء كان القابل بائعا أو مشتريا , مستأجرا أو مؤجرا , الزوج أو الزوجة أو وليها , يقول الكمال بن الهمام: الإيجاب: هو إثبات الفعل الدال على الرضا الواقع أولا سواء وقع من البائع كبعت , أو من المشتري كأن يبتدئ المشتري فيقول: اشتريت منك هذا بألف , والقبول: الفعل الثاني , وإلا فكل منهما إيجاب أي إثبات , فسمي الإثبات الثاني بالقبول تمييزا له عن الإثبات الأول , ولأنه يقع قبولا ورضا بفعل الأول.

شروط القبول في العقود: للقبول في العقود شروط منها:

أ - أن يكون القبول على وفق الإيجاب:

10 - وهذا شرط في جميع العقود , ففي البيع مثلا يشترط أن يقبل المشتري ما أوجبه البائع , فإن خالفه بأن قبل غير ما أوجبه أو بعض ما أوجبه لم ينعقد العقد , فلو قال البائع: بعتك بعشرة فقال المشتري: قبلته بثمانية لم ينعقد البيع.

ب - أن يكون القبول في مجلس الإيجاب:

11 - هذا الشرط يعبر عنه الحنفية ب (اتحاد المجلس) والمراد بهذا: ألا يتفرق العاقدان قبل القبول , وألا يشتغل القابل أو الموجب بعمل غير ما عقد له المجلس , لأن حالة المجلس كحالة العقد , فإن تفرقا , أو تشاغلا بما يقطع المجلس عرفا فلا ينعقد العقد , لأن ذلك إعراض عنه , وهذا باتفاق الفقهاء. ولا يضر تراخي القبول عن الإيجاب ما داما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفا , وهذا عند الحنفية والمالكية والحنابلة. أما الشافعية فإنهم يقولون: كل ما يشترط فيه القبول من العقود فعلى الفور أي أن يكون عقب الإيجاب , ولا يضر عندهم الفصل اليسير.

ج - عدم لزوم القبول:

12 - إذا صدر الإيجاب من أحد المتعاقدين فالعاقد الآخر بالخيار: إن شاء قبل في المجلس , وإن شاء رد , وهو ما يعبر عنه الحنفية ب (خيار القبول) قالوا: لأنه لو لم يثبت له خيار القبول يلزمه حكم البيع من غير رضاه , ويمتد خيار القبول إلى انفضاض المجلس , فما دام المجلس قائما فله أن يقبل أو يدع ما لم يرجع الموجب عن إيجابه قبل انقضاء المجلس. ويوافق الحنفية في ذلك الشافعية والحنابلة , لأنهم يأخذون بخيار المجلس عملا بالحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا}. أما المالكية فلا يجوز الرجوع عندهم لمن تقدم كلامه أولا ولو قبل رضا الآخر , إلا في حالة ما إذا كان كلام المتقدم بصيغة المضارع ثم يدعي أنه ما أراد البيع , إنما أراد به الوعد أو الهزل , فإنه حينئذ يحلف ويصدق. وإذا صدر القبول بعد الإيجاب موافقا له أصبح التصرف لازما لا يجوز الرجوع عنه إن كان من التصرفات اللازمة كالبيع والإجارة. وهذا عند الحنفية والمالكية , وعند الشافعية والحنابلة لا يلزم التصرف إلا بانفضاض المجلس أو الإلزام. ويستدل ابن قدامة بما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا , وكانا جميعا , أو يخير أحدهما الآخر , فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع , وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع}.

د - أن يكون القابل أهلا للتصرفات:

13 - وهو أن يكون بالغا عاقلا , وذلك شرط في المعاوضات المالية , فلا يصح القبول من صبي أو مجنون , وإنما يقوم مقامهما الأب أو الوصي أو القاضي. أما في عقود التبرعات كالوصية والهبة فيصح القبول منهما لما في ذلك من الغبطة لهما , ولا يتوقف القبول على إجازة الولي أو الوصي , وهذا في الجملة.

ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[11 - 09 - 04, 10:55 م]ـ

قال الشربيني في مغني المحتاج ج:1 ص:305

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير