وقالوا:أنه كان ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي كان حكم الصيام فيه من طلوع الشمس إلى غروبها
ومن آثار الصحابة:
1 - ما روي عن سالم بن عبيد قال: كنت في حجر أبي بكر الصديق فصلى ذات ليلة ما شاء الله ثم قال: (اخرج فانظر هل طلع الفجر؟) قال: فخرجت ثم رجعت, فقلت: قد ارتفع في السماء أبيض, فصلى ما شاء الله, ثم قال: (اخرج فانظر هل طلع الفجر؟) فخرجت ثم رجعت, فقلت: لقد اعترض في السماء أحمر, فقال: هيت الآن فابلغني سحوري) وفي طريق آخر (وقال يوما آخر: قم على الباب بيني وبين الفجر) قالوا فهذا الصديق قد تسحر بعد طلوع الفجر الاحمر وهو الصادق
2 - ما روي عن علي: أنه لما صلى الفجرَ قال: (هذا حين يتبيّن الخيطُ الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.) قالوا هذا أبا الحسنين فهم من الآية أنها إلى طلوع الشمس أي بعد دخول وقت صلاة الفجر
3 - ما روي عن عامر بن مطر، قال: (أتيت عبد الله بن مسعود في داره، فأخرجَ فضلا من سَحُوره، فأكلنا معه، ثم أقيمت الصلاة فخرجنا فصلينا.) قالوا دل هذا أن سحوره كان بعد الأذان
4 - ما روي عن مسلم، قال: (لم يكونوا يعدُّون الفجر فجرَكم هذا، كانوا يعدُّون الفجرَ الذي يملأ البيوتَ والطرُق.) قالوا هذا إجماع الصحابة –وهو الحجة الذي ينقض إجماعكم - أن الإمساك إلى طلوع الشمس.
ومن المعقول:
- عللوا أن أول النهار طلوعُ الشمس، كما أنّ آخرَه غروبُها. قالوا: ولو كان أوله طلوعُ الفجر، لوَجب أن يكون آخرَه غروبُ الشفق. قالوا: وفي إجماع الحجة على أنَّ آخر النهار غروب الشمس، دليلٌ واضح على أن أوله طلوعها.
مناقشة أدلة الفريق الثاني:
مناقشة أدلتهم من السنة:
1 - أما حديث حذيفة من جهة ثبوته مرفوعا فيه نظر , والصواب وقفه , وأعله بذلك الإمام النسائي , وتبعه ابن القيم , وابن كثير وآخرون.
قال النسائي: (لا نعلم أحدا رفعه غير عاصم) , فعاصم بن بهدلة تفرد في رفعه وقد خولف ممن هم أوثق منه , فرووه موقوفا على حذيفة.
فرواه النسائي عن عدي عن رز بن حبيش عن حذيفة موقوفا.
ورواه أيضا عن إبراهيم النخعي عن صلة بن زفر عن حذيفة موقوفا.
ورواه ابن أبي شيبة عن الوليد بن جميع عن أبو الطفيل عن حذيفة موقوفا.
وعدي بن ثابت , وإبراهيم النخعي , والوليد بن جميع , كلهم أوثق من عاصم, فما بالك إذا اجتمعوا على وقفه خلافا لعاصم؟!!
ولو سلمنا جدلا بصحة الحديث فهو لا يدل على ما ذهبتم إليه, وقد وجهه العلماء عدة توجيهات منها:
التوجيه الأول: قال الإمام الطحاوي: (وَقَدْ يَحْتَمِلُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ عِنْدَنَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ قوله تعالى: (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) البقرة: 187.–ثم ساق بسنده حديث عدي بن حاتم وسهل بن سعد أنه عندما نزلت هذه الآية عمدوا إلى عقالين ... الحديث-
ثم قال: فَلَمَّا كَانَ حُكْمُ هَذِهِ الآيَةِ قَدْ كَانَ أَشْكَلَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا بَيَّنَ , وَحَتَّى أَنْزَلَ (مِنَ الْفَجْرِ) بَعْدَمَا قَدْ كَانَ أَنْزَلَ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) فَكَانَ الْحُكْمُ أَنْ يَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا , حَتَّى يَتَبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ , حَتَّى نَسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ (مِنَ الْفَجْرِ) عَلَى مَا ذَكَرْنَا , مَا قَدْ بَيَّنَهُ سَهْلٌ فِي حَدِيثِهِ.
وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مَا رَوَى حُذَيْفَةُ مِنْ ذَلِكَ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ قَبْلَ نُزُولِ تِلْكَ الآيَةِ , فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تِلْكَ الآيَةَ , أَحْكَمَ ذَلِكَ , وَرَدَّ الْحُكْمَ إلَى مَا بَيَّنَ فِيهَا.
-ثم ساق بسنده عن أَبِي أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ يَهِيدَنَّكُمْ السَّاطِعُ الْمُصْعِدُ , كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَعْتَرِضَ لَكُمْ الأَحْمَرُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَأَعْرَضَهَا) ثم قال: -.
¥