تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الإمام ابن عبد البر: (وقول ابن شهاب وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت معناه أيضا المقاربة أي وهذا على العلماء مما ذكرنا قوله: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ} يريد بالبلوغ ههنا مقاربة البلوغ لا انقضاء الأجل لأن الأجل لو انقضى وهو انقضاء العدة لم يجز لهم إمساكهن وهذا إجماع لا خلاف فيه فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه والمراد مفهوم وبالله التوفيق.

ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر أصحابه أن يأكلوا ويشربوا حتى يؤذن من لا يؤذن إلا وقد أصبح وإذا كان هذا معلوما صح أن معنى قول ابن شهاب في ابن أم مكتوم ما ذكرنا , وقد أجمع العلماء على أن من لم يجز له الأكل ولا الشرب بعد ذلك وفي إجماعهم على ذلك ما يوضح ما ذكرناه.)

3 - وأما حديث العرباض (هلم إلى الغداء المبارك) فلا يدل على أنه كان بعد طلوع الفجر

قال الإمام الخطابي: (وسماه غداء لأنه للصائم بمنزلة الغداء للمفطر , ومن هذا قوله-يعني النبي ? - لبعض أصحابه هلم إلى الغداء المبارك يريد السحور

وأول وقت الغداء عند العرب قبيل الفجر الثاني ويقال لمن خرج في ذلك الوقت قد غدا في حاجته فمن خرج قبل ذلك الوقت قيل أدلج)

وقال الطحاوي: (فكان جوابنا أن كل واحد من السحور ومن الغداء كما ذكر-يعني السحور معمول في وقت السحر والغداء في الغداء- غير أنه يحتمل أن يكون أحدهما سمي باسم صاحبه لمجاورته إياه ولقربه منه فسمي من أجل ذلك باسمه)

ثم قال: (فهذا أولى ما حملت عليه هذه الآثار حتى لا يدفع شيء منها شيئا ولا يضاد شيء منها شيئا والله نسأله التوفيق)

مناقشة أدلتهم من آثار الصحابة:

إجمالا:

وأما الآثار التي وردت عن الصحابة فهي أقصى ما تفيده شدة تأخيرهم السحور قبيل طلوع الفجر الصادق , وتغليسهم في صلاة الفجر , ولا تفيد صراحة أن ذلك كان بعد طلوع الفجر الصادق إلى الشروق,

قال ابن رجب: (ومن حكى عنهم، أنهم استباحوا الأكل حتى تطلع الشمس فقد أخطأ.)

وإن كانت تلك الآثار محتملة , وجب حملها على ما يوافق أدلة الكتاب والسنة الصريحة , وهذا من إحسان الظن بهم –رضوان الله عليهم- وبهذا تجتمع الأدلة , وإن سلمنا جدلا أنها كانت مع طلوع الفجر الصادق أو بعده, فهي تحمل على عدم تبين طلوع الفجر الصادق لهم وشكهم في طلوعه, وهذا التوجيه يتبن بجمع آثار الصحابة فبمجموعها يعرف حالهم –رضوان الله عليهم-.

قال الإمام ابن حزم في المحلى: (ولا يلزم في رمضان ولا في غيره إلا بِتَبَيُّنِ طلوع الفجر الثاني وأما ما لم يتبين فالأكلُ والشرابُ والجماعُ مباح كل ذلك كان على شك من طلوع الفجر أو على يقين من أنه لم يطلع .... لأنه تعالى أباح الوطء والأكل والشراب إلى أن يتبين لنا الفجر ولم يقل تعالى حتى يطلع الفجر ولا قال حتى تشكوا في الفجر فلا يحل لأحد أن يقوله ولا يوجب صوما بطلوع ما لم يتبين للمرء, ... فقد صح أن الأكل صباح بعد طلوع الفجر ما لم يتبين لمريد الصوم طلوعه، ...

-وروى بسنده إلى أبي هريرة- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سَمِع أحدكم النِّداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) ...

-ثم روى بسنده إلى أبي بكر الصديق- أنه قال: (إذا نظر الرجلان إلى الفجر فشك أحد هما فليأكلا حتى يتبين لهما).

- وروى بسنده إلى سالم بن عبيد- قال: كان أبو بكر يقول لي: "قم بيني وبين الفجر حتى نتسحر"

-ثم روى بسنده عن أبي قلابة- أن أبا بكر الصديق كان يقول: " أَجْفُواْ الباب حتى نتسحر".

-ثم روى من طريق حَمَّاد بن سلمة- عن أبي هريرة أنه سمع النداء والإناء على يده فقال: "أحْرَزْتها ورَبِّ الكعبة".

- ثم روى من طريق ابن جرير- عن ابن عباس قال: "أحَلَّ الله الشراب ما شككت، يعني في الفجر"

- ثم روى عن عكرمة- قال: قال ابن عباس: " أشُكُّ لَعَمْرُ الله اسقني، فشرب".

-ثم روى بسنده عن مكحول الأزدي- قال: رأيت ابن عمر أخذ دَلْواً من زمزم فقال لرجلين: " أطلع الفجر؟ قال أحد هما قد طلع، فقال الآخر: لا، فشرب ابن عمر".

-وروى بسنده عن حبان بن الحارث- أنه تسحر مع علي بن أبي طالب وهما يريدان الصيام فلما فرغ قال للمؤذن أقم الصلاة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير