تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على ذلك ليرى منها ما يرغبه في نكاحها! أما الصدر والبطن والأرداف والقبل والأفخاذ، وغير ذلك مما لا يظهر منها عادة بل وأكيره ليس لأحد أن يراه منها – اجماعا - الا حليلها .. هذه مواضع يؤدي النظر اليها الى اثارة الشهوة وليس الى تبين ما اذا كانت صورة المرأة تعجب الخاطب أو لا تعجبه! وجميع النساء يشتركن في اثارة الشهوة – بضرورة الخلقة - فيمن ينظر منهن الى تلك المواضع الا أن تكون المرأة مشوهة! والمقصد الشرعي انما هو تبين محاسن المرأة وليس التشهي بها!

قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم في (باب ندب من أراد نكاح امرأة إلى أن ينظر إلى وجهها) (وكفيها قبل خطبتها): "قوله صلى الله عليه و سلم للمتزوج امرأة من الانصار (أنظرت اليها قال لا قال فاذهب فانظر اليها فإن في أعين الانصار شيئا) هكذا الرواية شيئا بالهمز وهو واحد الأشياء قيل المراد صغر وقيل زرقة وفي هذا دلالة لجواز ذكر مثل هذا للنصيحة وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبى حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء وحكى القاضي عن قوم كراهته وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث ومخالف لاجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ونحوها ثم انه انما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط لأنهما ليسا بعورة ولأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين وقال الأوزاعي ينظر إلى مواضع اللحم وقال داود ينظر إلى جميع بدنها وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والاجماع" اهـ.

قلت يفهم من كلام النووي رحمه الله أن هناك اجماعا على مشروعية النظر للخاطب وعلى وجود حد للناظر لا يجاوزه، أقله من المرأة الوجه والكفان (وهذا القدر لا خلاف في مشروعية النظر اليه)، أما ما زاد على الوجه والكفين في ذلك فهو ما وقع في تقرير حده الخلاف، والله أعلم.

فان قال قائل أن الحد هو العورة، قلنا أي عورة؟ عورة الصلاة؟ أم عورة النظر؟ وان كان فعورة نظر الرجل الى المرأة، أم نظر المرأة الى المرأة، أم عورة نظر المحارم الى المرأة؟ أيما تلك الضوابط والحدود اخترتم فعليكم تقديم البينة على جعلها هي ضابط النظر للخاطب، والنصوص دونكم ليس فيها من ذلك شيء، فليس لكم الى ذلك من سبيل! بل اننا نقول أنه على قول المانعين لكشف الوجه والكفين، والذين يدخلون الوجه والكفين في عورة المرأة، فانه لا فرق بين نظر الخاطب الى شعرها وساقها – مثلا – وبين نظره الى وجهها وكفيها، لأنها عندهم كل جسدها عورة بلا استثناء، والوجه يستوي في ذلك مع سائر الأعضاء! فلا فرق بين الوجه والرقبة، وبين الكف والقدم في ذلك! فان أجازوا له أن ينظر الى وجهها وكفيها، فبأي برهان منعوه من أن ينظر الى شعرها ورقبتها وقدمها وكذا، وهم لا فرق عندهم في الحكم بين أي عضو من أعضائها وما سواه من الأعضاء؟؟

أما قولهم بأن النظر الى الكفين يكفي لتبين نضارة وطراوة الجسد ونعومته وكذا، فهذا أمر ليس على اطلاقه وقد يتفاوت فيه الرجال، وليس فيه نص حتى يجزموا بأنه يكفي لكل ناظر في كل حالة لأن يحكم به على هذا الذي يقولون! كما أنه لا يخفى أن الوصول الى هذا الحكم على جسد المرأة من خلال حال الكف والأصابع انما يحتاج الى خبرة من الناظر في أجساد النساء لن تجدها متوفرة في أكثر الرجال! وهو تكلف لما قد يورث العنت اذ لا يفي بالمراد.

ولو كان النظر الى الوجه والكف يكفي، لما كان هناك من حاجة لأن يتخبأ جابر رضي الله عنه ليرى من مخطوبته ما رأى .. لا نقول بأنه تحرى أن يرى منها كل ما ذهب الظاهرية الى جواز رؤيته من المخطوبة، ولكن نقول بأنه لو كان يكفيه النظر الى الكف والوجه لتحقيق المراد، فلا يحتاج تحقيق ذلك المراد الى التخبؤ أصلا! فالوجه والكفين عند الجمهور ليسا بعورة .. فيمكن للخاطب أن يتحرى النظر اليهما منها دون حاجة الى أن يتخبأ لها، اذ لن يراها خارج بيتها غالبا الا وسيرى منها الوجه والكفين بسهولة ان أراد ذلك!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير