عندما يفتي البعض في إجابة مسألة، يذكر أقوالاً لأهل العلم فيها، ولا يَنسبها لأصحابها، أليس من الأمانة العلمية: نسبة القول لصاحبه؟ وما هي المراجع والمصادر الفقهية المعتمدة في كل مذهب، والتي تعتني بذكر الأدلة؟ أفيدونا بالتفصيل جزاكم الله خيراً ([143])؟
الجواب:
هذا فيه تفصيل: فإن كان في أسلوب نسبته للقول يوهم أنه من كلامه، فالأمانة العلمية تقتضي: نسبة القول لصاحبه، أما شخص يقول:
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين أو على ثلاثة أقوال، فهذا ليس مدعي لنفسه شيئاً، ولا يطالَب بنسبة الأقوال لأصحابها، وهي في حقه مرتبة فضل، لا مرتبة فرض.
والعلم بنسبة الأقوال، وحفظها، وحفظ أصحابها، أمر تشيبُ منه الرؤوس، ولذلك تجد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -وناهيك به علماً وتحقيقاً، ومع أنه جمع فأوعى كثيراً من العلم- يقول: وهذه المسألة للعلماء فيها قولان: أصحها كذا وكذا، أو يقول: قول بالمنع وقول بالجواز، ولا ينسب الأقوال، وأحياناً يسترسل فيبيّن صحة النسبة؛ لأن الفقه يحتاج إلى بيان وتمييز الأقوال.
ثم المرتبة الثانية: وهي أعلى مما قبلها: نسبة الأقوال، وأعلى منها تحرير نسبة هذا القول، وهل هو المذهب أم قول ضعيف أم مشهور؟ وهل هو عند المتقدمين أو المتأخرين؟ فهذه أمور تختص بعلماء جهابذة؛ لأنها تحتاج نفساً طويلاً، وباعاً قوياً، وهو من أقوى ما يميز علماء وفقهاء السلف -رحمهم الله- عن غيرهم: الفقه المقارَن أو المقابَل. خذ مثالاً على ذلك: الإمام ابن جرير الطبري -رحمة الله عليه- في اختلاف الفقهاء في التفسير تجده يقول: وقال بعض العلماء: لا يجوز ذلك، ومنهم فلان وفلان .. ثم يسوق سنده حدثني فلان عن فلان أنه سئل عن كذا وكذا فقال بكذا وكذا، وإذا كان في السند أو الرواية ضعف، بيّنه، وهذه أمور خدمها علماء السلف -رحمهم الله- سواء في المذاهب الفقهية أو غيرها من العلوم الأخرى.
وينبغي التنبيه على أن الأئمة لهم أسانيد بعضها أقوى من بعض، وأصحاب وكتب بعضها أقوى في الترجيح من بعض، إذا تعارضوا.
وأما المراجع الفقهية، فخُذها مرتبة حسب المذاهب ([144]).
أ- الحنفية:
1 - المتون:
- المختصر ([145])، للقدوري.
- كنز الدقائق، للنسفي.
2 - الشروح والحواشي:
- فتح القدير، لابن الهُمام مع تكملته ([146]). (من أكبر شروح الهداية وأوسعها).
- البحر الرائق شرح كنز الدقائق، لابن نُجيم مع تكملته.
- حاشية عابدين، لابن عابدين مع تكملته، من أفضل كتب المذهب وأجمعها.
- الاختيار في تعليل المختار، لأبي الفضل الموصلي. احتوى على ما عليه الفتوى في المذهب ([147]).
3 - الكتب التي تعني بأدلة الحنفية:
- أحكام القرآن، للجصاص (من الكتاب).
- عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعيني (من السنة).
- المبسوط، للسرخسي، (النقلية والعقلية).
- بدائع الصنائع، للكاساني، (النقلية والعقلية).
ب- المالكية:
1 - المتون:
- المختصر، لخليل بن إسحاق.
- الرسالة، لابن ابي زيد القيرواني.
2 - الشروح والحواشي:
- الشرح الكبير، للدردير (أوضحها وأخصرها).
- مواهب الجليل، للحطاب.
- حاشية الخرشي (اعتنى بالأمثلة).
- منح الجليل، لعليّش.
- حاشية البناني (اعتنى بالخلاف في المذهب وحَسْمه بين الماليكة، وردَّ تعارض عبارات المختصر).
- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، للدسوقي.
3 - الكتب التي تعتني بأدلة المالكية:
- أحكام القرآن، لابن العربي (من الكتاب).
- الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (من الكتاب).
- المنتقى، للباجي (من السنة)، مع الأدلة العقلية.
- مسالك الدلالة في بيان أدلة الرسالة، للغماري، مناقشة الأدلة والردود باختصار.
- التمهيد والاستذكار، لابن عبد البر (من السنة)، ويعتني بالردود والمناقشات في المسائل الخلافية.
ج- الشافعية:
1 - المتون:
- المهذب، للشيرازي.
- المنهاج (منهاج الطالبين)، للإمام النووي رحمه الله.
2 - الشروح والحواشي:
- المجموع شرح المهذب، للنووي، اعتنى بالأدلة والردود والمناقشات.
- نهاية المحتاج شرح المنهاج، للرملي الملقب بالشافعي الصغير، وهو من أوسع كتب المذهب، ويعتني بالراجح من الخلاف فيه.
- مغني المحتاج، للشربيني.
- حاشية قليوبي وعميرة.
- حواشي الشرواني والعباد.
3 - الكتب التي تعني بأدلة الشافعية:
¥