[لولا المربي بعد ربي ما عرفت ربي]
ـ[محمد محمود الحنبلي]ــــــــ[28 - 12 - 05, 06:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال بن عباس (رحمه الله) (الرباني هو الذي يأخذ الناس بصغار العلم قبل كباره)
وقال بن الجوزي (رحمه الله) (ولا تصلح الربانية إلا لمن ربى نية)
قال بعض السلف (لولا المربي بعد ربي ما عرفت ربي)
وقال الإمام الشافعي (رحمه الله)
أخي لن تنال العلم إلا بست::: سأنبئك بتأويله ببيان
ذكاء وحرص وأجتهاد وغربة::: وصحبة أستاذ وطول زمان
وأنقل لك ما قاله الشيخ الحبيب ابن القيم العصر (شفاه الله) في الحلية قال (
تلقي العلم عن الأشياخ:
الأصل في الطلب أن يكون بطريق التلقين والتلقي عن الأساتيذ، والمثافنة للأشياخ، والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف وبطون الكتب، والأول من باب أخذ النسيب عن النسيب الناطق، وهو المعلم أما الثاني عن الكتاب، فهو جماد، فأنى له اتصال النسب؟
وقد قيل:”من دخل في العلم وحده؛ خرج وحده"؛ أي: من دخل في طلب العلم بلا شيخ؛ خرج منه بلا علم، إذ العلم صنعة، وكل صنعة تحتاج إلى صانع، فلا بد إذاً لتعلمها من معلمها الحاذق.
ولابن خلدون مبحث نفيس في هذا، كما في ”المقدمة” له.
من لم يشافه عالماً بأصوله فيقينه في المشكلات ظنون
وكان أبو حيان كثيراً ما ينشد
يظن الغمر أن الكتب تهدى أخاً فهم لإدراك العلوم
وما يدرى الجهول بأن فيها غوامض حيرت عقل الفهيم
إذا رمت العلوم بغير شيخ ضللت عن الصراط المستقيم
وتلتبس الأمور عليك حتى تصير أضل من ”توما الحكيم”
إنتهى كلام الشيخ ... (حفظه الله)
وأنقل لكم بعض ما قاله الشيخ محمد حسين يعقوب (حفظه الله) في المنطلقات قال (علو همَّة السلف في الرحلة في طلب العلم
ومن تمثل سير سلفنا الصالح، ونظر في معاناتهم في طلب العلم هانت عليه كل شدة، واحتقر نفسه أمامهم، فقد كابدوا من الصعاب ما يفوق التخيل، وتركوا البلاد والأولاد وهجروا اللذات والشهوات، وجابوا مشارق الأرض ومغاربها سعيًا وراء حديث واحد، أو لقاء شيخ أو معرفة مسألة، وأنت ـ اليوم ـ تجزع من قراءة ساعة، وتتكاسل عن سبر صفحات قليلة، وتتوافر لك سبل المعرفة فما تمد لها يدًا، فحالك ـ تالله ـ حال عجيبة، فانظر إلى هؤلاء الأفذاذ كيف طلبوا العلم عساك تنتفع بذلك.
قيل للإمام أحمد: رجلٌ يطلب العلم يلزم رجلاً عنده علم كثير أو يرحل؟
قال: يرحلُ، يكتب عن علماء الأمصار، فيشامُّ النَّاس، ويتعلم منهم.
وقيل له مرةً: أيرحلُ الرجل في طلب العلم؟
فقال: بلى والله شديدًا، لقد كان علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، ـ وهما من أهل الكوفة بالعراق ـ يبلغهما الحديث عن عمر فلا يقنعهما حتى يخرجا إليه ـ إلى المدينة المنورة ـ فيسمعانه منه "
قال ابن خلدون في المقدمة: " إنَّ الرحلة في طلب العلوم ولقاء المشيخة: مزيد كمال في التعليم، والسبب في ذلك أنَّ البشر يأخذون معارفهم وأخلاقهم وما يتحلون به من المذاهب والفضائل، تارة: علمًا وتعليمًا ولقاءً. وتارةً: محاكاة وتلقينًا بالمباشرة. إلا أنَّ حصول الملكات عن المباشرة والتلقين، أشدُّ استحكامًا وأقوى رسوخًا، فعلى قدر كثرة الشيوخ يكون حصول الملكات ورسوخها ـ وتفتحها ـ
والاصطلاحات أيضًا في تعليم العلوم مخلِّطة على المتعلم، حتى لقد يظنُّ كثير منهم أنَّها جزء من العلم، ولا يدفع عنه ذلك إلا مباشرته لاختلاف الطرق فيها من المعلمين.
فلقاء أهل العلوم، وتعدد المشايخ: يُفيده تمييز الاصطلاحات بما يراه من اختلاف طرقهم فيها، فيُجرِّد العلم عنها، ويعلم أنَّها أنحاء تعليم وطرق توصيل، وتنهض قواه إلى الرسوخ والاستحكام في الملكات، ويصحح معارفه ويميزها عن سواها، مع تقوية ملكته بالمباشرة والتلقين، وكثرتهما من المشيخة عند تعددهم وتنوعهم، وهذا لمن يسَّر الله عليه طرق العلم والهداية.
فالرحلة لابد منها في طلب العلم، لاكتساب الفوائد والكمال، بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال، " والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " [البقرة / 213]
أيها المتفقه ..
¥