و الشيخ عندما يحدثك عن وجوب الدعوة يطبقه عملياً في نفسه ,يتحدث عن مجاهل أفريقيا , ودول جنوب أسيا ,غيرها كأنه ولد فيها. (سكوتو , عثمان بن فودي , تمبكتو) , هكا يتحدث عن أفريقيا مدنها , أعلامها , حال الإسلام فيها , مواطن أهل السنة هناك. فهو داعية لا يهتم بلون أو جنسية أو مكانةٍ أو منصب.
- لماذا تريدون أن يكون لكم أتباع وإعلانات وضجيج إعلامي وأغلب أتباع الأنبياء هم الموالي والعبيد وقليل من الوجهاء.
كان يكرر مثل هذا (وصدق فيما قال).
صنف الشيخ (شفاه الله) كتاب من هدي السلف في طلب العلم , لم يرد به البروز أو الظهور بقدر ما أراد أن يعود بالناس لمنهج السلف , كلام قليل وعمل كثير.
أثار يهتدي بها السائر , ويستدل بها الحائر , و يتقوى بها ضعيف الهمة الفاتر.
بعد الحادثة التي حصلت في صف (ثالثة باء) في كلية الحديث مع الشيخ عبد الله مراد , هرع مجموعة من الطلاب الحريصين على الفائدة في التعرف على الشيخ , وربما معرفة ما يقال عن حفظه. من أول مجلس وبدون مقدمات سحرهم بحلاوة منطقه , وسهولة معشره , ودماثة خلقه , فمع أنهم طلاب في أول العمر , وهو أستاذ جامعي له بريقه , أصر على أن يتولى توزيع الشاي بنفسه , وأن يكونوا هم في صدر المجلس ليسمع منهم.
انهالت الأسئلة عن الكتب وكان له استحضار عجيب في معرفة كتب الحديث , وماذا قيل عنها , وما مميزات كل كتاب , منهج أهل الحديث في التصنيف.
وبعد ذلك بدأ معهم في منهج السلف , الحديث الذي لايمل منه , وجوب نشر التوحيد , السنة , أخلاق الداعية , صبر الدعية , تحمل الداعية الأذى , البعد عن الشهرة والدنيا , الاجتهاد في طلب العلم. أصبح هؤلاء الطلبة من أخلص الناس له , فقد وجدوا ضالتهم في الفهم والعمل , وليس في الحفظ والنقل.
وقد صدق الإمام أحمد عندما ذهب لمكة لسماع الحديث فافتقده تلميذه وبحث عنه في حلقات ابن عيينة وابن دينار فلم يجده ووجده أخيراً مع شاب.
.فلما علم الإمام أحمد باستغراب التلميذ قال له: " إن فاتك حديث بعلو تدركه بنزول , وإن فاتك عقل هذا الفتى أخاف ألا تدركه إلى قيام الساعة " , وكان هذا الشاب هو محمد بن إدريس الشافعي.
كنت والله على أقول شهيد أسأله عن بعض الوقائع في الأمة ربما مضى عليها عشرات السنين فيحدد لي اليوم والتاريخ والشخصيات وكأنه بالأمس. حتى إنني سألته عن أشياء لا ينشط الذهن لحفظها من مجريات الحياة وقد كر عليها الجديدان منذ زمن طويل, فيخبر بيومها وشهرها وسنَتِها , كأنه راجع معلوماتها للتّو في دفتر أو حاسب آلي.
يتبع إن شاء الله .....
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
ـ[خضر بن سند]ــــــــ[19 - 08 - 06, 03:36 م]ـ
لمحات من حياة الشيخ محمد بن مطر الزهراني رحمه الله
(الحلقة الثانية)
"""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
في أول السبعينات تحديداً من القرن الثالث عشر الهجري (1370) , وفي قرية تسمى (الحوية) من تهامة الغراء كان أهل قبيلة باللسود (بنوالأسود) من القبيلة الأم الكبرى زهران يحتفلون بمقدم ذلك المولود محمد بن مطر بن عثمان آل مطر الزهراني , كانت القرية جزء مكوناً لمدينة إسمها (قِلوَة) , وقد غدت تلك القرية اليوم حياً من هذه المدينة.
في مدينة قلوة التي تبعد عن مكة جنوباً حوالي الثلاثمائة كيلوا تقريباً لم يكن ثّمَ كهرباء , أو طرقاً معبدة فضلاً عن أن تكون إسفلتية , فللقارئ حينئذٍ أن يتخيل صورة مجموعة قرى تكوّن مدينة ,كل قرية بنيت بيوتها من الحجارة المتراصة بلا طلاء أو دهان , وكل قرية ابتعدت عن أختها مسافة يسيرة تترآى أنوارهما من بعيد.
القرى تبنى في هذه المنطقة عادة على سفح مرتفع عن الأرض لكون السيل الجارف يمر عليها , أصوات مختلطة , طرق وعرة , بيوت متواضعة , حياة قروية فيها اليسر والشدة معاً , حرارة صارخة في الصيف , ليل جميل وهادئ , كما وصفت العرب وتغنت بليل تهامة , بل جاء في حديث أم زرع الطويل أن امرأة مدحت زوجها بقولها (زوجي كليل تهامة).
كانت المزارع منشرة على ظفاف الأودية , ومعلقة بين الجبال , أو كما يسميها الأهالي الأصدار , جمع صُدُر لأنها ليست من الجبل السروي ولا من تهامة بل هي في الوسط.
ظهر في قلوة على مر السنين عدد من العلماء و الفقهاء.
¥