بجوار قلوة هذه قريتين شهيرتين تعرفان باسم الخلف و الخليف , قد ترجم السخاوي في كتابة (الضوء اللامع) لبعض شيوخه منها وهو موسى بن عيسى الزهراني أحد المحدثين الذين خرّج لهم ابن فهد معجماً.
وكلام السخاوي وابن فهد المكي كله في القرن التاسع الهجري , ولازالت أطلال تلك القرى باقية إلى اليوم.
فالعلم إذاً ليس غريباً عن تلك الديار العريقة.
وقد خرج من هذه الديار قضاة وعلماء ودعاة تسنموا اليوم كثيراً من المناصب الإدراية والعلمية والدعوية في المملكة السعودية وبالذات في مكة والمدينة النبوية والطائف وجدة.
في أوائل السبعينات (1370) أيضاً أي مع ولادة الشيخ محمد بن مطر ظهرت دعوة جادة للعودة إلى الكتاب والسنة , تعرف بـ (المدرسة السلفية) , كان مقر المدرسة الرئيس هو مدينة بلجرشي , وهي مدينة على جبال السروات من بلاد غامد.
كان الداعية الأول فيها هو الشيخ محمد بن علي بن جماح الغامدي , ومعه مشايخ فضلاء لايتسع المجال لذكرهم الآن منهم الشيخ عبدالله بن سعدي العبدلي الغامدي , وسواهم كثير.
تجول دعاة المدرسة في الروابي والجبال ولسهول لنشر دعوتهم.
استقبل الناس دعوتهم بنوع من الحماس تارة ونوع من الفتور تارة أخرى (كل منطقة بحسبها).
من المناطق العجيبة في اثناء نشر الدعوة منطقة قلوة , لأن شيخ القبيلة هو الذي تحمس أولاً للدعوة وبدأ يغذيها وينميها , فانتشرت في أوساط الناس , الذين ربما غلب على بعضهم الجهل , لعدة أمور منها:
كون المنطقة مغلقة بين الجبال الشاهقة , وقلة انتشار المدارس , بل انعدامها إلا في كتاتيب صغيرة , وكون غالب إعتماد الناس على الزراعة الموسمية , وربما جاءت السيول من نوع (الغطمطم الزخار) فجرفت كل شيء.
فحديث الناس إذاً , عن المطر , والزرع , وأحوال السوق , لأن قلوة هي سوق تهامة زهران بلا منازع.
تفتح عقل الشيخ وهو يسمع عن المدرسة السلفية ببلجرشي والدعوة السلفية , وقعت في يده بعض الكتيبات التي توزعها وتطبعها , كان فخوراً وسعيداً بها.
لم يكن يدري إذ ذاك أنه سيتزوج في يوم من الأيام ابنة مدير المدرسة وقائد الدعوة الشيخ محمد بن جمّاح متعه الله بالعافية.
درس كعادة أبناء زمانه وأهل قريته في المدارس النظامية فدخل المرحلة الابتدائية بمدرسة قلوة الابتدائية من سنة 1381هـ 1386هـ.
من أساتذته في المرحلة الابتدائية الذين يذكرهم الشيخ بكل خير الشيخ عبد الخالق بن مستور الزهراني.
ما إن أتم الابتدائية حتى قرر الرحيل إلى الطائف لإكمال دراسته في المعهد العلمي.
كانت هذه الرحلة الأولى لطلب العلم وذلك في سنة (1387) , لم يَعُد بعدها لتلك القرية الوادعة الفاتنة إلا لزيارته والديه وأقاربه والمكث عندهم في الإجازات إلى أن توفي رحمه الله.
وهناك في الطائف كان يزور المكتبات , ويتعرف على المشايخ الكبار , مسجد ابن عباس , مكتبة الكمال , مكتبة المؤيد , أشياء جميلة كانت موجودة في وقته , ولها بريق ولمعان في ذاكرته , ربما جرنا الحديث معه ليتذكر تلك الأيام الخوالي وما وقع فيها.
معالم النجابة والذكاء كانت بادية عليه , كان من المتميزين قليلي الكلام , محباً للقراءة والإطلاع , آخذاً بمعالي الأمور , بعيداً عن سفاسفها.
من الطرائف التي يذكرها الشيخ أنه في تلك السنة التي دخل فيها المعهد العلمي تغير النظام في تعداد مراحل الدراسة , فأصبح النظام ست سنوات للمرحلة المتوسطة والثانوية , وكان من التحق قبله بسنة واحدة يتخرج في خمس سنوات فقط , فكان يقول إن ممن أدرك النظام القديم الشيخ سفر الحوالي حيث دخل معهد بلجرشي العلمي سنة (1386).
دراسة الشيخ في المعهد العلمي مرت بمراحل ثلاث تنقل فيها بين ثلاث مدن رئيسة كانت على النحو التالي:
المتوسطة: السنتان الأولى والثانية من سنة 1387هـ 1389هـ بمعهد الطائف العلمي.
السنة الثالثة والأولى ثانوي بمعهد مكة العلمي.
السنة الثانية والثالثة ثانوي بمعهد الرياض العلمي.
شيوخه وأساتذته في المرحلتين في المدن الثلاث ذكر هو رحمه الله ابرز من تاثر بهم فقال:
في المتوسطة: الأستاذ / صالح بن إبراهيم العليان ومحمد ناصر الصقر والدكتور محمد أبو الفتح البيانوني والشيخ أحمد بن صالح الغامدي.
¥