[. التوسع في المباحات .. «عند نفسك من الغفلة ما يكفيها!!».]
ـ[السوادي]ــــــــ[17 - 12 - 08, 09:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.. التوسع في المباحات .. «عند نفسك من الغفلة ما يكفيها!!».
خلق الله الانسان وأباح له الطيبات وحرم عليه الخبائث ,,
وجعل من صفاته حب المال والسعي لطب الراحة وكل مافيه جمال وزينة ورغد عيش ,,
ولكن بعض المسلمين للأسف نجدهم قد توسعوا فيما أباحه الله لهم ,
حتى أصبح التوسع في المباحات صفة ملازمة للكثير منهم وخاصة
في هذه الايام حيث نجد البعض قد توسعوا في استغلال تلك المباحات وأسرفوا على انفسهم
بذلك سواء أكان ذلك في المباني الواسعة أو السيارات الفارهة أو الملابس الزاهية الغالية ,,
الى غير ذلك من الكماليات التي أصبحت في هذا الزمن عند البعض من الضروريات!!
سأل سائل الإمام ابن الجوزي رحمه الله قائلا:
"أيجوز أن أفسح لنفسي في مباح الملاهي"،
فأجابه: «عند نفسك من الغفلة ما يكفيها».!!
عرف العلماء المباح فقالوا:
المباح لغة: المعلن والمأذون فيه.
واصطلاحاً: ما استوى فعله وتركه.
المباح هو ما استوى طرفاه،
أي استوى فعله وتركه من غير إثم ولا حرج.
فلا يُثاب تاركه، ولا يستحق العقاب فاعله،
إلا أن يقترن به أمر آخر خارج عنه.
حكمه: لا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" فوالله ماالفقر أخشى عليكم ولكن أخشى
أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت
على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم "
قال العلماء إن التوسّع في المباحات والإكثار منها
قد يشغل عن الطاعات وربما تؤدي الى الكثير
من المكروهات وقد تجرّهم إلى المحرمات،
وقد قيل: أن الوسائل لها حكم المقاصد،
فإذا كان سبب هذه المباحات يقع في محرم كان المباح محرم،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
المباح بالنية الحسنة يكون خيرا، وبالنية السيئة يكون شرا،
ان فعل المباحات لا حرج على فاعلها،
الا ان الشيطان قد يستدرج العبد،
فيشغله بها عن الاستكثار من الطاعات،
وعن الاجتهاد في التزود للاخرة،
اذن يُنهى عن التوسّع في المباحات لسببين:
الأول: لأنها تشغل عن الطاعات.
والثاني: لأن من توسّع في المباحات يُخشى عليه الوقوع في الشبهات،
و قد يجر المسلم إلى المحرمات ..
قال سبحانه: ((وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) (الأعراف:31)
قال سليمان الداراني:
"لا يصبر عن شهوات الدنيا إلا من كان في قلبه ما يشغله بالآخرة"،
وقال مالك بن دينار: "بقدر ما تخزن للآخرة يخرج هم الدنيا من قلبك"
والضابط في المباحات هو كما قال العلماء:
إذا كان المباح وسيلة إلى أمر مأمور به .. فهو مطلوب فعله ..
وإذا كان وسيلة إلى منهي عنه .. أخذ حكمه من الحرمة ..
والمباح لا يترك إلا لأحد الأسباب التالية:
* أن يكون هذا المباح مانعا من عبادات .. وحائلا دون خيرات.
* إذا كان هذا المباح مسببا لتغير في النفس .. فيبتعد عنه.
* إذا وجد أن في هذا المباح شبهة .. فيتورع عنه.
* إذا كان فيه إسرافا فيتجنبه.
* إذا لم يكن هناك رغبة شخصية لهذا المباح .. فلا يلتزم به.
كان بعض الصحابة و السلف يترفعون عن الدنيا وملذاتها ومن ذلك ما جاء عنهم:
تقول أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -:
(أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع،
فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم، فضعفت قلوبهم وجمحت شهواتهم)
قال رجل لابن عمر رضي الله عنهم: ألا أجيئك بجوارش،
قال: وأي شيء هو؟ قال: شيء يهضم الطعام إذا أكلته،
قال: ما شبعت منذ أربعة أشهر، وليس ذاك أني لا أقدر عليه،
ولكن أدركت أقواماً يجوعون أكثر مما يشبعون. [رواه الإمام أحمد]،
وفي رواية: ولكن عهدت أقواماً يجوعون مرة ويشبعون مرة.
وسئل الحسن عن الرجل يبتاع الطعام ويبتاع اللحم،
هل عليه في ذلك؟
فقال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
"كفى سرفاً ألا تشتهي شيئاً إلا أكلته"!!
قال ابن رجبٍ ـ رحمه الله ـ:
(من أخذ الدنيا من وجوهها المباحة،
وأدى واجباتها، وأمسك لنفسه الزائدَ على الواجب يتوسّع به
في التمتع بشهوات الدنيا فلا عقاب عليه ,
¥