ـ[صهيب عبدالجبار]ــــــــ[03 - 01 - 09, 11:52 ص]ـ
أخي الكريم , أولا كثير منا يرفض أن يأخذ شيئا من سلوكيات الغرب , وذلك لأن ديننا فيه ما يكفي من السلوكيات الإيجابية.
لكن المشكلة أن هذه السلوكيات هي حبيسة الكتب وأغلبها لا يرى على أرض الواقع في مجتمعاتنا العربية.
والسبب هو الضعف العام في الإيمان الذي تعاني منه الأمة الإسلامية.
هنالك سرٌّ سأقوله لك: لماذا أنزل الله خاتمة الرسالات على أمة العرب؟
في الوقت الذي كان الفرس والروم أقوى دولتين في العالم.
لو أنزل الله الدين على الروم لقاموا بنشره بسهولة وبسرعة مضاعفة ,
وذلك لما كانوا يتمتعون به من القوة العسكرية والسيطرة على دول كثيرة ,
حتى أن البحر المتوسط كان يسمى بحر الروم , لأن كل الدول المحيطة به كانت خاضعة لهم.
هذا بالإضافة إلى تفوقهم في المجال العلمي والثقافي.
وأنهم أصحاب كتاب.
وكذلك كان الفرس مسيطرين ..
فلو أنزل الله الرسالة على إحدى هاتين الأمتين لقال قائل: إنما انتشر الإسلام بقوة الدولة التي حملت هذه الرسالة وكانت مهيئة لحملها.
لكن الله سبحانه أراد أن يعلِّمَ الناس أن هذه الرسالة هي معجزة بحد ذاتها.
فأنزلها على أمة أمية تسكن في وسط الصحراء , لم تحاول دولة من الدول أن تحتل بلادهم المقفرة , أرض القرظ والشوك , يشربون الدم , ويأكلون الميتة ,
ويقتلون أولادهم بأيديهم , ويعبدون أحجارا لا تضر ولا تنفع ,
إلههم الأول (القبيلة) حتى قال قائلهم: وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد
كانوا يقتتلون على أتفه الأسباب , لأن فرسا سبقت فرسا أخرى ذبح بعضهم بعضا ثمانين سنة كما قيل.
وقبليتا بكر وتغلب قامت بينهما حرب ضروس أربعين عاما.
يفخر بعضهم على بعض بالنسب , أنا ابن فلان بن فلان .. من أنت لا أبا لك وهكذا ..
الكبر شيمتهم والفخر بالنسب والمال والشرف غايتهم ..
هذا في الجزيرة المقفرة آنذاك .. أما في الشام فالغساسنة العرب عبيد للروم
والمناذرة في العراق عبيد للفرس , وويل للغساسنة من المناذرة ... وللمناذرة من الغساسنة.
جاء الإسلام على أمة هذا حالها فإذا به يخرجها من الظلمات إلى النور ,
وإذا بعرب الأمس يطرقون أبواب كسرى وقيصر يطلبون منهما أن يتبعوا دين الله الجديد , فأجابهم الروم كما في كتب التاريخ: ما جاء بكم يا كلاب الصحراء؟
أنتم أيها الشرذمة تريدون منا نحن سادة العالم أن نتبعكم؟
لكن الفرس والروم لم يعلموا ما هو السر الذي حوَّل هؤلاء الناس عن طبيعتهم الهمجية فأصبحوا سادة الأمم , روي في كتب السِّير , أن رستم رأى سعد بن أبي وقاص 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يصلي بالصحابة قبل معركة القادسية , فقال: أكل عمر كبدي , يعلم الكلاب النظام.
قال ذلك عندما رآهم يطيعون أميرهم في الركوع والسجود رغم أن الأمير لا يراهم لأن وجهه ليس باتجاههم.
قال تعالى: {أومن كان ميتا فأحييناه , وجعلنا له نورا يمشي به في الناس , كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}
ولسان الشاعر أفصح من لساني في توضيح ما أعني حيث قال:
وسطَّرنا صحائفَ من ضياءٍ فما نسيَ الزمانُ ولا نسينا
حملناها سيوفاً لامعاتٍ غداةَ يوم تأبى أنْ تلينا
إذا خرجَتْ من الأغمادِ يوماً رأيتَ الهولَ والفتحَ المبينا
وكنُّا حينَ يرمينا أناسٌ نُؤدِّبهمْ أباةً قادرينا
تفيضُ قُلوبُنا بالهديِ بأساً فما نُغضي عن الظلمِ الجُفونا
كذلكَ أخرجَ الإسلامُ قومي شباباً مُخلصاً حراً أمينا
وعلَّمهُ الكرامةَ كيف تُبنى فيأبى أنْ يُقَّيدَ أو يهونا
شبابٌ ذَلَّلوا سُبلَ المَعالي وما عَرفوا سوى الإسلامِ دينا
تَعَهَّدَهمْ فأنبتهمْ نباتاً كريماً طابَ في الدنيا غَصونا
إذا شهِدوا الوغى كانوا كُماةً يدكُّونَ المعاقلَ والحُصونا
شبابٌ لمْ تُحطِّمهُ الليالي ولمْ يُسلمْ إلى الخصمِ العرينا
فما عَرَفَ الخلاعَةَ في بناتٍ ولا عَرَف التخنُّثَ في بنينا
ولم تشهدُهُمُ الأقداحُ يوماً وقد ملأوا نواديهم مُجونا
وما عرفوا الأغاني مائعاتٍ ولكنَّ العُلا صِيغَتْ لُحونا
ولم يتشدَّقوا بقشورِ علمٍ ولمْ يتقيّبوا في المُلحدينا
ولم يتبجحوا في كلِّ أمرٍ خطيرٍ كيْ يقالَ مثقفونا
وما فتىءَ الزمانُ يدور حتى مضى بالمجدِ قومٌ آخرونا
وأصبحَ لا يُرى في الركبِ قومي وقد عاشوا أئِمَّتَهُ سنينا
¥