تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالفطن الكيّس إنما يهتم بأمره وإقامته وتوفيته لا بضمانه، فإنه الوفي الصادق، ومن أوفى بعهده من الله؟!

المرجع: فوائد الفوائد

للإمام: ابن القيم -رحمه الله-

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 - 04 - 09, 12:56 ص]ـ

موضوع قيم جزاك الله خيرا

ـ[الدر المصون]ــــــــ[08 - 04 - 09, 12:25 ص]ـ

إذا كانت الهمة عالية تعبت في مرادها الأجسام

من رُزِق همَّة عالية؛ يعذب بمقدار علوِّها، كما قال الشاعر:

وإذا كانت النفوس كبارًا تعبت في مرادها الأجسام

وقال الآخر:

ولكل جسم في النحول بلية وبلاء جسمي من تفاوت همتي

وبيان هذا أنَّ من عَلَت همَّته؛ طلب العلوم كلها، ولم يقتصر على بعضها، وطلب من كل علم نهايته، وهذا لا يحتمله البدن.

ثم يرى أنَّ المراد العمل، فيجتهد في قيام الليل وصيام النهار، والجمع بين ذلك وبين العلم صعب. ثم يرى ترك الدنيا ويحتاج إلى ما لا بُدَّ منه، ويحب الإيثار ولا يقدر على البخل، ويتقاضاه الكرم البذل، ويمنعه عزُّ النفس عن الكسب من وجوه التبذُّل [1]، فإن هو جرى على طبعه من الكرم؛ احتاج وافتقر وتأثَّر بدنه وعائلته، وإن أمسك؛ فطبعه يأبى ذلك.

وفي الجملة يحتاج إلى معاناة وجمع بين أضداد، فهو أبدًا في نصب لا ينقضي، وتعب لا يفرغ.

ثم إذا حقَّق الإخلاص في الأعمال؛ زاد تعبه، وقوِيَ وَصَبُه [2].

فأين هو ومَن دنت همته؟!

إن كان فقيهًا، فسُئِل عن حديث؛ قال: ما أعرفه! وإن كان محدِّثًا، فسُئِل عن مسألة فقهية؛ قال: ما أدري! ولا يبالي إن قِيل عنه: مقصر!!

والعالي الهمة يرى التقصير في بعض العلوم فضيحة قد كشفت عيبه، وقد أرتِ الناس عورته.

والقصير الهمة لا يبالي بِمِنَن الناس، ولا يستقبح سؤالهم، ولا يأنف من ردٍ، والعالي الهمة لا يحمل ذلك.

ولكن تعب العالي الهمَّة راحة في المعنى، وراحة القصير الهمة تعب وَشَيْنٌ إن كان ثَمَّ فهمٌ.

والدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي، فينبغي لذي الهمَّة أن لا يقصِّر في شوطه، فإن سبق؛ فهو المقصود، وإن كَبا جواده مع اجتهاده؛ لم يُلَمْ.

المرجع: صيد الخاطر

للإمام: ابن الجوزي -رحمه الله-


[1]- التبذل: ترك التصاون والترفع.

[2]- الوصب: المرض والتعب.

ـ[الدر المصون]ــــــــ[08 - 04 - 09, 12:27 ص]ـ
ترك مخالطة الناس والعمل على تزكية النفس

ما رأيت أكثر أذىً للمؤمن من مخالطة من لا يصلح؛ فإن الطبع يسرق، فإن لم يتشبَّه بهم، ولم يسرق منهم؛ فَتَر عن عمله.

فإن رؤية الدنيا تحثُّ على طلبها، وقد رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سِترًا على بابه فَهَتَكَه، وقال: (مالي وللدنيا؟!)، ولبس ثوبًا له طراز، فرماه وقال: (شغلتني أعلامه)، ولبس خاتمًا، ثم رماه وقال: (نظرت إليكم ونظرت إليه).
وكذلك رؤية أرباب الدنيا ودورِهم وأحوالهم، خصوصًا لمن له نفس تطلب الرِّفعة.

وينبغي للمنفرد لطاعة الله –تعالى- عن الخلق ألا يخرج إلى سوق جَهْدَه، فإن خرج ضرورة؛ غضَّ بصره، وألا يزور صاحب منصب ولا يلقاه، فإن اضطر؛ دارى الأمر، ولا يخالط عاميًا إلا لضررة مع التحرُّز. ولا يفتح على نفسه باب التزوُّج، بل يقنع بامرأة فيها دين.
فقد قال الشاعر:
والمرء ما دام ذا عين يقلِّبها في أعين العين موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته لا مرحبًا بسرور عاد بالضرر
فإن كان يغلب عليه العلم انفرد بدراسته، واحترز من الأتباع المتعلِّمين، وإن غلبت عليه العبادة، زاد في احترازه. وليجعل خَلْوَته أنيسه، والنظر في سير السلف جليسه.
وليكن له وظيفة من زيارة قبور الصالحين والخَلْوة بها، ولا ينبغي أن يفوته وِرْد قيام الليل، وليكن بعد النصف الأول، فلْيُطِل مهما قدر؛ فإنه زمان بعيد المِثْل، وليمثِّل رحيله عن قرب؛ ليقصر أمله، وليتزوَّد في الطريق على قدر طول السلف!

المرجع: صيد الخاطر

للإمام: ابن الجوزي -رحمه الله-

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير