تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أدب الحوار]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[03 - 04 - 09, 04:03 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[أدب الحوار]

عبدالسلام حسن

[أدب الحوار]

(مادة مرشحة للفوز في مسابقة كاتب الألوكة)

الحوار، والجدال، والمناظرة؛ كلها ألفاظ متقاربةٌ لمعنى واحد، وإذا كان أكثرُ ما جاء من لفظ الجدال في القرآن يطلق على الجدال المذموم؛ فإن لفظ الجدال في القرآن جاء أيضًا في مواضع محمودة.

واختلاف الناس فيما بينهم، أمر طبيعي، أراده الله، وله في ذلك حكمة؛ قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 118 - 110].

ولمعالجة ما يحدث بين الناس من اختلاف، هناك طرق عدة؛ منها:

الحوار:

فهو من أفضل تلك الطرق، وهو سلاح فتاك، من حيث إقناع الآخرين، والحوار الهادئ المقنع يفعل -في أكثر الأحيان- ما لا تفعله قوةُ المدافع والطائرات، وإذا كان كذلك، وأراد المسلمون أن يحموا أوطانهم، ويحفظوا وحدة أمتهم، فعليهم بالحوار؛ لأنه لا غنى لهم عنه، فهو وسيلة أساسية للتواصل مع الآخرين، وإقناع أصحاب الانحراف الفكري والعقدي، وليس القمع، فللوصول إلى الحق لا بد من اتباع الحوار.

والحوار يكون مع المسلم ومع غير المسلم؛ مع غير المسلم لدعوته إلى دين الله، وإقناعه بأنه حق لا شك فيه، وحين نحاور غير المسلمين، علينا أن نبحث عن المشترك الإنساني، وعن المشترك الحضاري.

فبيننا وبينهم أصول وقواسم مشتركة:

منها: أننا وإياهم نؤمن بوحدة الأصل الإنساني؛ كما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ((إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد)) [1] ( http://www.alukah.net/articles/1/5593.aspx#_ftn1).

ومنها: أننا وإياهم متساوون في الكرامة الإنسانية، بغض النظر عن معتقداتهم وما يدينون به {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ} [الإسراء: 70].

ولا تنافي بين الأخوة الإيمانية والأخوة الإنسانية، ففي القرآن الكريم يقول تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} [هود: 50]، {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} [هود: 61].

أمّا الحوار مع المسلم الذي انحرف عن السنّة: فلدعوته إلى السنّة، فإذا أحسن المسلمون حوارَهم مع غيرهم، سهل عليهم إقناعُ الآخرين بما يدعونهم إليه.

إن الحوار دعوةٌ إلى الله، والحوارُ السلمي الهادف سنّةٌ قرآنية، وسنة نبوية، ينبغي أن نتمسك بها، ولا نتخلَّى عنها، لنصون به أخوتنا، ونعالج به كثيرًا من اختلافاتنا، إن لم نقل كلها.

وإننا نأمل أن يكون هناك مؤتمر بشري عالمي آمن، تُرعى فيه الخصومات، وتُحترم فيه الحضارات، ووجهات النظر، وبقدر التزامنا بأدب الحوار، يكون ناجحًا، وما فائدةُ حوار لا يراعى فيه أدبه؟ ما فائدة حوار يفرض فيه القوي رأيَه وقوته على الآخرين؟

إن هذا مما يُؤجِّجُ نارَ العنف والعداوة بين المتحاورين، لذلك لا بد أن نلتزم بالحوار، الحوار الذي يكون بالتي هي أحسن، فهناك حسن، وهناك أحسن، والقرآن الكريم يأمرنا أن نجادل وأن نحاور بالتي هي أحسن {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].

وفي القرآن الكريم كثير من الحوارات، جرت بين رسل الله عليهم الصلاة والسلام وبين أقوامهم، فهذا نبي الله نوح عليه السلام، قال له قومه: {يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [هود: 32].

والجدال في القرآن نوع من الحوار، وكل منهما يجيء بألفاظ متقاربة لمعنى واحد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير