عندك الحق كل الحق،، فنحن - للأسف - كذلك دوما حتى في التقدير الشعري، لا نقدر إلا بعد فوات الأوان، حتى في الماضي لم يقدر أحد قامة عربية رهيبة كابن الرومي الشاعر الذي لم يلتفت إليه أحد من نقاد عصره ولا من بعده إلا القليل القليل وجاء من بعدهم بكثير العقاد ليعطيه بعض حقه،، وبيننا أيضا كما قلتِ الكثير والكثير ولكن لا يلتفت إليهم أحد بسبب الوضع الثقافي المتدهور في أسفل سافلين بين مطرقة الإعلام الفاجر الفاشل وسندان الحكومات المتأمركة التى تريد القضاء على الهوية العربية في كل صورها.
فوالله إنه مما يسرنا أن يكون بين ظهرانينا من يجبرنا على حفظ شعره السائر وقد رأى المتنبي وأبو تمام والمعري وأحمد شوقي وغيرهم منزلتهم
يوجد بيننا الكثير من المجيدين المشهورين كأمثال المبدع بدر شاكر السياب وفاروق جويدة ونزار قباني وغيرهم.
دمتم بود.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[26 - 01 - 2010, 07:38 م]ـ
بصراحة رغم بلاغة أحمد شوقي وبراعة لغته،، إلا أنني لا أستلطف شعره ولا أجد به شعور ولا إحساس وأشعر كثيرا كثيرا أنه يفتعل جدا ..... رأي شخصي.
دمتم بود.
مرحبا بأخي الحبيب مسلم
لا شك أن لك الحق في اعتقادك بشعر الشاعر ما تراه إذ مرد ذلك أصلا إلى الذوق والتذوق لكني أحب أن أحكي قليلا عن أحمد شوقي ـ لمحبتي إياه ـ رحمه الله. إن من أمعن النظر في ديوان شوقي وأدام الوقوف على أبياته أدرك العبقرية التي تميز بها شوقي فمن لغة معبرة بليغة إلى معان فريدة إلى رصف للكلمات متناسق فيظهر أكثر بياته متراص البنيان جيد السبك رائق المعنى. وأكثر ما يردده ناقدو شوقي أن أبياته بلا شعور أو إحساس بل قالوا إن هذا تمثيل منه ولعمري إن رجلا يجيد في التمثيل ـ إن كان تمثيلا ـ لمجيد بارع غير أن هذا القول مردود فكيف يعجبون بالبيت الفريد ثم يقولون إن هذا بلا شعور فهم قد حكموا على القائل بالنقص وحكموا على المقول بالجمال.
انظر إلى قول شوقي بعد عودته من المنفى وقد ملئ شعورا وفاض إحساسا:
أنادي الرسم لو ملك الجوابا=وأجزيه بدمعي لو أثابا
وقلّ لحقه العبرات تجري=وإن كانت سواد القلب ذابا
سبقن مقبلات الترب عني=وأدين التحية والخطابا
ثم يقول مودعا أرض الأندلس منفاه:
وداعا أرض أندلس وهذا=ثنائي إن رضيت به ثوابا
وما أثنيت إلا بعد علم=وكم من جاهل أثنى فعابا
شكرت الفلك يوم حويتِ رحلي= فيا لمفارق شكر الغرابا
ويظهر بيت الحكمة البليغ هنا:
وليس بعامر بنيان قوم=إذا أخلاقهم كانت خرابا
ثم يعود قليلا إلى العرب من أهل أندلس فيقول:
أولئك أمة ضربوا المعالي=بمشرقها ومغربها قبابا
جرى كدرا لهم صفو الليالي=وغاية كل صفو أن يشابا
وتأمل قوله في الشمس:
مشيبة القرون أديل منها=ألم تر قرنها في الجو شابا؟!
ونعود معه في أبيات الشعور والإحساس الذي لا يملك إلا أن يظهر:
ويا وطني لقيتك بعد يأس=كأني قد لقيت بك الشبابا
وتمعن في أبياته التي جمع فيها كل الشعور الرقيق والإحساس المرهف وهي في القصيدة التي عارض بها البحتري واستمتع ببيتيه الرقيقين جدا:
وسلا مصر هل سلا القلب عنها=أو أسا جرحه الزمان المؤسي
كلما مرت الليالي عليه=رقَّ والعهد في الليالي تقسي
فأنعم النظر في البيت الأخير وقد جمع الرقة المتناهية والمعنى الفريد.
وفي رثائه لعمر المختار أبلغ الرثاء وأشجنه:
ركزوا رفاتك في الرمال لواء=يستنهض الوادي صباح مساء
يا ويحهم نصبوا منارا من دم=يوحي إلى جيل الغد البغضاء
جرح يصيح على المدى وضحية=تتلمس الحرية الحمراء
في ذمة الله الكريم وحفظه=جسد ببرقة وسد الصحراء
لم تبق منه رحى الوقائع أعظما=تبلى ولم تبق الرماح هباء
لبى قضاء الأرض أمس بمهجة=لم تخش إلا للسماء قضاء
شيخ تمالك سنه لم ينفجر=كالطفل من خوف العقاب بكاء
تسعون لو ركبت مناكب شاهق=لترجلت هضباته إعياء
يا أيها الشعب القريب أسامع=فأصوغ في عمر الشهيد رثاء
أم ألجمت فاك الخطوب وحرمت=أذنيك حين تُخاطَب الإصغاء
ذهب الزعيم وأنت باق خالد=فانقد رجالك واختر الزعماء
وأرح شيوخك من تكاليف الوغى=واحمل على فتيانك الأعباء
ـ[معالي]ــــــــ[27 - 01 - 2010, 02:23 ص]ـ
تحية طيبة أستاذنا، د. عبدالجبار
فهل نستطيع في زمانِنا أن نرى شعراء كهؤلاء!
"وما كان عطاء ربك محظورا"
ـ[مُسلم]ــــــــ[27 - 01 - 2010, 02:40 م]ـ
شكرا لك أستاذي " عامر " فقد بعثت إلي ببعض الاعجاب والتقدير لهذا الامير ولقد أتيت بالفعل إلى أقرب قصيدتين من قلبي لأحمد شوقي ... رحمه الله ورحمنا جميعا.