[مع صديق ابن المقفع]
ـ[السراج]ــــــــ[24 - 12 - 2009, 09:36 م]ـ
... لم أشأ أن أصنع موضوعاً هُنا، فآثرتُ البحث عن ضالتي أولاً فلم أجد ..
وأحببتُ أن أضيف - أو أجدّد موضوعاً - هذه التحفة النادرة التي كثيرٌ منا قرأها مرات ومرات، وكنتُ قد علمتها لطلابي قبل عدّة سنوات، وحينها سألني أحد النجباء: أين نجد مثل هذا الموصوف؟ فقلتُ لهم: ستجدون، وحينها ستتذكرون ابن المقفع!
يقول ابن المقفع:
"واني مخبرك عن صاحب لي , كان من أعظم الناس في عيني, وكان رأس ما أعظمه في عيني صغر الدنيا في عينيه , كان خارجا من سلطان بطنه, فلا يشتهي مالا يجد ولا يكثر إذا وجد. وكان خارجا من سلطان لسانه فلا يقول مالا يعلم ولا ينازع فيما يعلم وكان خارجا من سلطان الجهالة, فلا يقدم أبدا إلا على ثقة بمنفعة.
كان أكثر دهره صامتا , فإذا نطق بذ الناطقين.كان يرى متضاعفا مستضعفا فإذا جاء الجد فهو الليث عادياً وكان لا يدخل في دعوى, ولا يشترك في مراء, ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا عدلا وشهودا عدولا. وكان لا يلوم أحدا على ما قد يكون العذر في مثله حتى يعلم ما اعتذاره. وكان لا يشكو وجعا إلا إلى من يرجو عنده البرء. وكان لا يستشير صاحبا إلا من يرجو عنده النصيحة.وكان لا يتبرم, ولا يتسخط, ولا يشتهي ولا يشتكي. وكان لا ينتقم على الولي, ولا يغفل عن العدو, ولا يخص نفسه دون إخوانه بشيء من اهتمامه وحيلته وقوته.
فعليك بهذه الأخلاق إن أطقت - ولن تطيق- ولكن اخذ القليل خير من ترك الجميع "
وصف الصديق لابن المقفع "كتاب الأدب الكبير "
ـ[ترانيم الحصاد]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 12:50 م]ـ
أخي السراج:
كلمات نبحث عنها في وقتنا الحاضر
الجميع يبحث عن الصديق الصادق
أخي الكريم:
الأُخوة
كانت موجودة حين العوز والحاجة
واليوم أصبحت منقرضة
تلف حولها خيوط الحذر
فأصبح الأخ يطعن أخاه بسكين عدوه
لكني لم أجد مثل الصلاة فهي خير رفيق وخير أنيس لصاحبها
جميعنا لدينا صعوبات في الحياة فبعد أن نمر في صعوبات الحياة
ومضايق الأرض نرفع أيدينا بنعمة ونشكر الله ونصلي
لنؤدي واجباتنا وفروضنا في هذه الحياة لتنطلق روحنا انطلاقة نور
بوركت.
ـ[السراج]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 01:00 م]ـ
وبوركتِ أيتها الحاضرة .. ترانيم
على ما خطّتْ أناملك حقيقةً ..
هيا نفصل خيوط ألوان هذا النص معاً فقد تداخلت حتى غدتْ غابة زهور.
يبدأ ابن المقفع هذه الكلمات بعبارة (إني مخبرك) في إشارة للاهتمام بالقادم وتشويق القارئ يقرأ كلاما (مهماً) سيأتي بعد هذه العبارة. فعادة ما تكون الأخبار ملفتة لمن يقرأ أو حتى يسمع، فمال ابن المقفع للتشويق بهذه العبارة.
ـ[ترانيم الحصاد]ــــــــ[25 - 12 - 2009, 01:56 م]ـ
جو النص:
الإنسان اجتماعى بطبعه، فهو لا يستطيع أن يعيش فى عزلة عن الناس، ولابد أن يكون له أصدقاء، يحسن اختيارهم، والكاتب هنا يعرض آراءه فى اختيار الصديق وصفاته ليستحق هذا الاسم المأخوذ من (الصدق).
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[26 - 12 - 2009, 11:30 م]ـ
أسعدك الله أخي الحبيب السراج
وأسعدك الله أختي الفاضلة ترانيم
صاحب ابن المقفع هذا افتراضي وأنا أعرف صاحبا واقعيا سأورد عنه بعض الأمور ثم أسأل جميع الإخوة والأخوات
صاحبي أم صاحب ابن المقفع؟
ذلك الرجل أعرفه بشخصه ولم أعاشره لكني أعرف صديقا قد عاشره منذ ربع قرن وما يزالان ويحدثنا صاحبنا دائما عنه ونستعيد الحديث منه بعد كل فترة فيقول:
عرفته جارا ثم زميلا فوالله ما أذكر أنه اغتاب أحدا أو سبّ أحدا أو اختلف مع أحد أو كان في قلبه على أحد شيئا أو كان في قلب أحد عليه شيئا وهو فوق هذا ملتزم بدينه محافظ على واجبات ربه أشد محافظة وبَرّ بوالديه ولم يجعله ربه جبارا عصيا وهو مخلص في عمله أيما إخلاص فوالله ما تضيع منه الدقيقة في العمل في غير وجهها المطلوب من غير أن يثقل على زملائه أو يحرجهم أو يجرحهم وما ابتدأ أحدا بعتاب أو بنصيحة إلا أن تكون عارضة فيجعلها عامة ولا يشعر جلساءه إلا بالارتياح إلى كلامه الهادئ وما جالس أحدا فآذاه بتلميح أو تصريح أو غمز أو همز أو بتضييق في مكان وما دخل عليه أحد إلا قام له وأفسح له مكانا ثم جلس جلسة واحدة لا يمد رجلا ولا يتخذ متكأ فإذا حضر الطعام أكل أكل الحيي ولم يدر عينيه في الصفحة أو يجمع بيده الطعام ولا يكثر ولا يزاحم جليسه وما سأل أحدا عما لا يعنيه ولا أخبر أحدا بما لا يعنيه ولقد تزوج وعمل لحفل زواجه فما شعرنا بذلك ونحن معه كل يوم حتى قال الليلة حفل زواجي وأتشرف بحضوركم. ولقد بنى بيته شهورا فما آذانا بالشكوى والإخبار قط. ولا ابتدأ مقالا من غير سؤال ما لم يكن في محله فإذا تكلم لم يرفع صوته ولم يهذر في كلامه ولم يجادل ولم يكن زميتا متشددا.
ولا لقي أحدا إلا ابتسم له وبش في وجهه ولا لقيه أحد إلا تملكته المحبة لهذا الرجل وهو بعد هذا يتفقد إخوانه إذا غابوا ويزورهم إذا مرضوا ويخدمهم فيما يترفع بعضنا عنه ويفعل الخير الكثير ولا يخبر أحدا ويكتم عن شماله ما تفعل يمينه ولقد علمنا بأفعال قام بها من غير أن يعلم أنا علمنا بذلك.
قلت لجلسائي: هل تعلمون أحدا بهذه الصفة؟
قالوا: لا والله.
قلت: أترونكم تجدون مثله في مئة ألف رجل؟
قالوا: لا نظن ذلك والله.
قلت: ولا أظن مثله يوجد في مليون رجل فهو نسيج وحده ومثله في البشر عزيز جدا وبمثل هذا يرحم الله بلدا بأكمله وأمة بأكملها وسيأتي هذا يوم القيامة وليس لأحد من البشر عنده حق واحد في مال أو غيبة أو نميمة أو مكيدة ويبقى حق الله جل جلاله والله هو الغفور الرحيم.
فهنيئا لمن هو مثل هذا أسأل الله ألا يفتنه وأن يختم له بخير خاتمة.
وبالله إن هذا الرجل موجود وأنا أعرفه والذي حدثني عنه ثقة صدوق وحدثتني يا سعد عنهم فزدتني شجونا فزدني من حديثك يا سعد.
¥