تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم كل هذا الوصف لنفسه الدال على ضعفه يكمن وضوح السيطرة القوية العاطفية التي تملكها حبيبته , حيث استطاعت أن تسيطر على عواطفه وعلى ذاته , فكل هذا الوصف خاص بدار حبيبته فكيف بحبيبته نفسها , وهنا أيضا قوة مسيطرة.

إن بنية الضعف الذي يحملها الشاعر , وسيطرة القوة العاطفية من حبيبته عليه جعلته يرى الحياة بوجه آخر , فهل الموت يشاهد في جنبات الدار؟ ثم هل عدم وجود حبيبته في الدار أصبحت الحياة لا معنى لها؟

إن ذلك يكشف لنا القوة التي تسيطر على الإنسان سيطرة كليه حيث يصبح لا يرى سوى ذلك الحبيب في هذه الحياة.

إن التصادم النفسي للشاعر مع فعله دليل على سيطرة قوى كامنة عليه وذلك حينما يصف الشاعر وصوله لدار حبيبته , حيث أنه حين عاد إلى الدار , بدأت مشاعره النفسية تعاتبه على المجيء لتلك الديار لأن هذه الديار لم تزده إلا لوعة وشوقا للحبيبة.

كما نجد بنية أخرى في النص وهي بنية الحزن , ويعبر ذلك بألفاظ كالليل الذي ثوى في موطن الحبيبة, والليل هو الظلام والظلام منبع الانغلاق وعدم الحرية , لأن انعدام الضوء فيه انحباس الحرية التي هي جالبة للحزن.

كما نجده أيضا يشبه الأيام بالخريف , والخريف رمز للألم والحزن , كما أيضا نجد هذا الحزن في ذكره للشجن والظلال والغربة والنجوى.

ولعل المتتبع لجل القصيدة يدرك أن الشاعر فيها قد غلب على نفسه الحزن , فتارة يعبر بالدمع وتارة بالذكريات التي وصفها بالجرح الذي هو مكمن الحزن والألم, ثم يعاتب الأيام التي أصبحت صفرا وليس لها معنى في حياته.

ثم نجده يصف نفسه بأنه طريد عن هذا الوطن , وقد أخذ هذا الوصف لنفسه تحت شدة الحزن وألمه.

ولعل المتتبع للقصيدة يلمح أيضا بنية أخرى وهي: التحول , وذلك حين ذكره لكلمات تدل على ذلك لعل من أبرزها: الخريف والجديد والأيام والطائر ,فكل هذه الكلمات تدل على التحول والتبدل, فالخريف فصل من فصول السنة التي تتحول فيه الأشجار عن طبيعتها , والأيام تتحول وتتبدل وتسير , كما أن الطائر لا يمكن أن يكون في مكان معين فهو غير ثابت متنقل دائما. فكأنه بهذه المعاني يريد أن يقول أن حال الدار تغيرت وتحولت وأصبحت كالعدم.

كما يصف نفسه بالخيال , والخيال متغير ومتحول , وكل هذا التحول لأن حبيبته لم تعد في هذا المكان ولم يجدها.

كما أن هناك بنية أخرى نلمحها في القصيدة وهي بنية: اليأس حيث أن مشاعر الشاعر في هذه القصيدة فيها شيء من دلالة يأس الشاعر من حاله مع حبيبته , فذكره الموت ووصفه بالأيام صفرا , دليل على أن الشاعر هنا يوحي بأن حبيبته لن ترجع معه , لأن الموت انقطاع وتفرق , فكما أنهم تفرقا فقد ذكر الموت لأنه يكمن في نفسه اليأس الذي قد جعله يربط الموت و حاله مع حبيبته , فكأنهما لن يرجعا أبدا مثل تفرق الموت.

يمكننا القول بأن بنية القوة والضعف قد سيطرت على القصيدة , فمحور القصيدة تدور حول ذلك الضعيف الذي يخضع للسلطة القوية عليه وهي حبيبته ,ويبدأ بوصف نفسه بأوصاف تعكس ذلك الضعف المسيطر عليه , والقوة الجامحة التي أهلكت شعوره وأبعاده النفسية.

هذا والله أعلم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المراجع

1) الخطيئة والتكفير من البنيوية إلى التشريحية, نظرية وتطبيق د. عبد الله الغذامي.الطبعة السادسة ,2006م, المركز الثقافي العربي الدار البيضاء المغرب. وبيروت لبنان.

2) موقع أدب الالكتروني أدب .. الموسوعة العالمية للشعر العربي - adab (http://www.adab.com) الموسوعة العالمية للشعر العربي.

3) نظرية الأدب لتري ايغلتون.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير