تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الصعقة، منهم من قال إنها غير الموت بدليل قوله تعالى في موسى عليه السلام {وخر موسى صعقا} (الأعراف: 143) مع أنه لم يمت، فهذا هو النفخ الذي يورث الفزع الشديد، وعلى هذا التقدير فالمراد من نفخ الصعقة ومن نفخ الفزع واحد، وهو المذكور في سورة

@17@ النمل في قوله {ويوم ينفخ فى الصور ففزع من فى * السماوات *ومن فى الارض} (النمل: 87) وعلى هذا القول فنفخ الصور ليس إلا مرتين. # والقول الثاني: أن الصعقة عبارة عن الموت والقائلون بهذا القول قالوا إنهم يموتون من الفزع وشدة الصوت، وعلى هذا التقدير فالنفخة تحصل ثلاث مرات أولها: نفخة الفزع وهي المذكورة في سورة النمل والثانية: نفخة الصعق والثالثة: نفخة القيام وهما مذكورتان في هذه السورة. # وأما قوله {إلا من شاء الله} ففيه وجوه الأول: قال ابن عباس رضي الله عنهما: عند نفخة الصعق يموت من في السموات ومن في الأرض إلا جبريل ويمكائيل وإسرافيل وملك الموت ثم يميت الله ميكائيل وإسرافيل ويبقي جبريل وملك الموت ثم يميت جبريل. # والقول الثاني: أنهم هم الشهداء لقوله تعالى: {بل أحياء عند ربهم يرزقون} (آل عمران: 169) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «هم الشهداء متقلدون أسيافهم حول العرش». # القول الثالث: قال جابر هذا المستثنى هو موسى عليه السلام لأنه صعق مرة فلا يصعق ثانيا. # القول الرابع: أنهم الحور العين وسكن العرش والكرسي. # والقول الخامس: قال قتادة الله أعلم بأنهم من هم، وليس في القرآن والأخبار ما يدل على أنهم من هم. ثم قال تعالى: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} وفيه أبحاث: # الأول: لفظ القرآن دل على أن هذه النفخة متأخرة عن النفخة الأولى، لأن لفظ {ثم} يفيد التراخي/ قال الحسن رحمه الله القرآن دل على أن هذه النفخة الأولى، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن بينهما أربعين» ولا أدري أربعون يوما أو شهرا أو أربعون سنة أو أربعون ألف سنة. # الثاني: قوله {أخرى} تقدير الكلام ونفخ في الصور نفخة واحدة ثم نفخ فيه نفخة أخرى، وإنما حسن الحذف لدلالة أخرى عليها ولكونها معلومة. # الثالث: قوله {فإذا هم قيام} يعني قيامهم من القبور يحصل عقيب هذه النفخة الأخيرة في الحال من غير تراخ لأن الفاء في قوله {فإذا هم} تدل على التعقيب. # الرابع: قوله {ينظرون} وفيه وجهان الأول: ينظرون يقلبون أبصارهم في الجهات نظر المبهوت إذا فاجأه خطب عظيم والثاني: ينظرون ماذا يفعل بهم، ويجوز أن يكون القيام بمعنى الوقوف والخمود في مكان لأجل استيلاء الحيرة والدهشة عليهم. # ولما بين الله تعالى هاتين النفختين قال: {وأشرقت الارض بنور ربها} وفيه مسائل: # المسألة الأولى: هذه الأرض المذكورة ليست هي هذه الأرض التي يقعد عليها الآن بدليل قوله تعالى: {يوم تبدل الارض غير الارض} (إبراهيم: 48) وبدليل قوله تعالى: {وحملت الارض والجبال فدكتا دكة واحدة} (الحاقة: 14) بل هي أرض أخرى يخلقها الله تعالى لمحفل يوم القيامة. # المسألة الثانية: قالت المجسمة: إن الله تعالى نور محض، فإذا حضر الله في تلك الأرض لأجل القضاء بين عباده أشرقت تلك الأرض بنور الله، وأكدوا هذا بقوله تعالى: {الله نور * السماوات والارض} (النور: 35). # واعلم أن الجواب عن هذه الشبهة من وجوه الأول: أنا بينا في تفسير قوله تعالى: {الله نور * السماوات والارض}

@18@ أنه لا يجوز أن يكون الله سبحانه وتعالى نورا بمعنى كونه من جنس هذه الأنوار المشاهدة، وبينا أنه لما تعذر حمل الكلام على الحقيقة وجب حمل لفظ النور ههنا على العدل، فنحتاج ههنا إلى بيان أن لفظ النور قد يستعمل في هذا المعنى، ثم إلى بيان أن المراد من لفظ النور ههنا ليس إلا هذا المعنى، أما بيان الإستعمال فهو أن الناس يقولون للملك العادل أشرقت الآفاق بعدلك، وأضاءت الدنيا بقسطك، كما يقولون أظلمت البلاد بجورك، وقال صلى الله عليه وسلم: «الظلم ظلمات يوم القيامة» وأما بيان أن المراد من النور ههنا العدل فقط أنه قال: {وجىء بالنبيين والشهداء} ومعلوم أن المجيء بالشهداء ليس إلا لإظهار العدل، وأيضا قال في آخر الآية بإثبات العدل وختمها بنفي الظلم والوجه الثاني: في الجواب عن الشبهة المذكورة أن قوله تعالى: {وأشرقت الارض بنور ربها} يدل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير