ـ[عبدالرحمن السليمان]ــــــــ[31 - 12 - 2006, 11:39 ص]ـ
تتمة:
3. حقيقة الإله المعبود في الملتين حسب بطليموس:
إذن نحن الآن إزاء ثلاثة آلهة: إله الحق والرحمة هو إله المسيحية، وإله الشر وهو الشيطان، وإله ثالث يكون بين إله الحق والرحمة من جهة، وإله الشر أو الشيطان الرجيم من جهة أخرى، لم يتشبع بالرحمة كلياً ولا بالشر كلياً، هو "إله العهد القديم"، إله اليهودية! إنه إله "لا عادل ولا ظالم" كما يقول بطليموس:
5.7. فإذا كان الإله الحق إلهاً رحيماً عادلاً بطبعه ـ وهو إله رحيم عادل بطبعه ـ لأن المخلص كان يسمي الإلهَ الحقَّ الرحيمَ "أباه"، وهو الإله الذي أراه بنفسه ... ؛ وإذا كان الإله ذو الطبيعة المتناقضة إلهاً شريراً وظالماً، فإن الإلهَ الموجودَ في الوسط، والذي ليس عادلاً ولا ظالماً، الإلهُ الذي يمكن إطلاق اسم "العدل" عليه، الإلهُ الذي يجازي الإحسان بقدره!
وهذا الإله حادثٌ وليس قديماً مثل إله المسيحية:
6.7. إن هذا الإله [الذي في الوسط] أَقَلُّ مرتبةً من الإله الحق الكامل، وعدلَه أقلُّ من عدل الإله الحق، لأنه حادث وليس بقديم! إن الإله الحق ـ الآب ـ قديمٌ، وكلُّ شيء يحتاج إليه، لأن كل شيء صدر عنه. وإنه [الإلهُ الحق]، كذلك، أكبر من العدو [الشيطان]، وأَقْوَمُ منه! إن للإله الحق ذاتٍ أخرى غير ذات الاثنَيْن الآخَرَيْن [الإله الذي في الوسط والشيطان]، وطبيعةً أخرى غير طبيعتهما!
إن هذا الإله الثالث هو الذي أوحى بالتوراة إلى موسى:
3.7. لأنه، إذا لم تكن التوراة من عند الإله الحق، ولم تكن من عند الشيطان [كما يعتقد بعضهم]ـ وهو رأي فاسد ـ فإن النتيجة الحتمية هي أن التوراة من عند شخص ثالث يكون غير الاثنين [= الإله الحق والشيطان]!
لكنه لم يوح بكل التوراة إلى موسى، لأن للتوراة ثلاثة مصادر مختلفة:
1.4. يجب أن تعلمي قبل كل شيء أن الشريعة الموجودة في كتب موسى الخمسة ليست من عند إله واحد! أعني أن هذه الشريعة ليست كلها واردة من عند إله واحد، لأن فيها حدوداً أضافها الناس إليها. وتعلمنا كلمات المخلص أن هذه الشريعة ذات ثلاثة مصادر.
2. فالمصدر الأول هو الله وشرعه، والثاني هو موسى ـ ليس بصفته نبياً يوحى إليه، بل بصفته إنساناً أضاف إلى الشريعة [الموحاة إليه] حدوداً من عندياته ـ، والثالث هو أحبار الأمة الذين ارتأوا إضافة حدود بعينها إلى الشريعة [الموحاة].
وبهذا يبدو جلياً أن بطليموس يعتبر كل ما يتوافق في العهد مع تعاليم المسيح في الأناجيل من عند الإله الحق، إله الرحمة الذي بعث المسيح. أما شريعة التوراة التي تتعارض مع تعاليم المسيح في الأناجيل، مثل الطلاق مثلاً، فيعتبرها بطليموس إضافات أضافها موسى إلى التوراة لاسترضاء قومه:
4. تحدث المخلص ذات مرة مع أولئك الذين سألوه عن الطلاق المسموح به [في شريعة التوراة]، وقال: "إن موسى لأجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم ولم يكن من البدء هكذا"، "لأن الله"، حسب المخلص، "جمع بين الزوجين، وما جمعه الله فلا يفرقه إنسان". [1]
أما المصدر الثالث والأخير لشريعة التوراة فهو إضافات الأحبار إلى الشريعة:
11. أما بالنسبة إلى وجود أحكام قام الأحبار بإضافتها إلى الشريعة [الموحاة]، فهذا واضح من قول المخلص: "أَكْرِمْ أباك وأمك لكي يطول عمرك في الأرض [التي يعطيك الربُّ إلهُك] ".
لكن بطليموس يميز جيداً بين إلهين اثنين هما الإله الأعلى، إله الرحمة، "إله العهد الجديد" الذي بعث عيسى، و"إله العهد القديم" الذي بعث موسى بالشريعة التي أضاف إليها موسى من عندياته، ثم الأحبار من عندياتهم، كما ورد أعلاه. وما يهم بطليموس من التوراة هو الجزء الإلهي، الجزء الحقيقي، الذي أوحى به "إله العهد القديم" لموسى. وتتمثل مهمة المسيح ـ عند بطليموس ـ بالحفاظ على الجزء الإلهي وإكماله لأنه كان ناقصاً، من جهة، وحل الجزئين المتكونين من إضافات موسى والأحبار، الممزوجين بالشر، من جهة أخرى:
¥