ـ عطفت بالفاء رابطا بين هذا البيت والذي قبله؛ ولكني أشعر بوهي في الربط والنسج.
ـ أحسنت في الإجمال؛ ثم التفصيل بقولك: نهاري تذكر ... وبالليل أطياف ..
أَحِنُّ إِلَيْهَا كُلَّمَا لَاحَ بَارِقٌ = وَأُسْبِلُ دَمْعًا كُلَّمَا غَارَ كَوْكَبُ
جميل جدا؛ لما فيه من حسن المقابلة والتقسيم.
حَنَانَيْكِ يَا سَلْمَى فَلَسْتُ بَصَابِرٍ = وَأَنَّى لِيَ الصَّبْرُ وَحُسْنُكِ يَخْلِبُ؟!
جميل؛ لولا زحاف الكف في الشطر الثاني.
ـ أبدعت في جناس الاشتقاق: صابر ـ صبر. وهذا النوع من البديع من محاسن الشعر؛ له رونق وطلاوة وحلاوة! ويكسب البيت الذي يسكنه إيقاعا موسيقيا عذبا وجرسا لذيذا.
هِيَ الشَّمْسُ تُهْدِيكَ الضِّيَاءَ تَبَسُّمًا = وَتَزْدَادُ إِشْرَاقًا فَمَا ثَمَّ مَغْرِبُ
"فما ثم مغرب" لست أدري؛ كأني أحسها مجتلبة لغرض القافية.
يَغَارُ عَلَيْهَا الحُسْنُ إِنْ رُمْتُ وَصْفَهَا =وَأَوْصَافُ سَلْمَى دُوْنَهَا الحَرْفُ يَنْصَبُ
(يغار عليها الحسن): استعارة فائقة!
(الحرف ينصب): استعارة نزلت عن الأولى درجات؛ وللتفصيل فيها مقام يضيق عنه الوقت. والله المستعان!
تُقَلِّدُهَا الأَخْلَاقُ كُلَّ فَضِيلَةٍ = فَلَا تَنْطِقُ الهُجْرَ وَلَا السُّوءَ تَقْرَبُ
ـ تقلدها ... استعارة حسنة رائقة
ـ فلا تنطق الهجر ... تفصيل حسن لما أجمل من ذكر الفضيلة.
ـ أضربإيقاع البيت زحاف الكف كما أسلفنا.
كَرِيمَةُ أَنْسَابٍ وَأَصْلٌ مُبَارَكٌ = إِلَيْهِم (تَنَاهَى المَكرُمَاتُ وَتُنسَبُ)
ـ رائع جدا معنى ومبنى! لولا عطف النكرة (أصل) على ما عرف بالتخصيص (كريمة أنساب)، وفيها كذلك إضافة المصدر إلى المشتق (فَعْل) إلى (فعيل). والأصل في الصناعة الشعرية أن تعطف النكرة على النكرة والمعرفة على المعرفة ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وقس على ذلك كل ما هو منه بسبيل، كعطف المفرد على المفرد، والجملة على الجملة، والمستقات على مثلها ... ؛ فإن في ذلك تناسبا يتلاءم وطبيعة الشعر.
ـ أعجبني جدا استثمارك لشطر بيت المتنبي: " إليك تناهى المكرمات وتنسب"
ونقله إلى ما أردت من معنى ... رائع هذا منك يا أبا سهيل!
فَيَا طَيْفَ سَلْمَى لَا عَدِمْتُكَ زَائِرًا = تُرَدِّدُ ذِكْرَاهَا وَتَحْكِي فَتُطْنِبُ
جميل هذا النداء منك يا أبا سهيل؛ وبخاصة أنك ناديت أصم غير سميع؛ فجعلته عاقلا يسمع لك، ويعللك بالزيارة والسمر وحكايات الأحبة!
تُعِيدُ إِلَى القَلْبِ المُعَنَّى سُرُورَهُ = وَتَحْمِلُ أَشْوَاقِي إِلَيْهَا وَتَذْهَبُ
جميل لولا اجتلاب القافية!
فَيَا طَيْفُ بَلِّغْهَا السَّلَامَ وَقُلْ لَهَا: = مُحِبٌّ بَرَاهُ الشَّوْقُ مُضْنًى مُعَذَّبُ
جميل جدا؛ ونعم الرسالة ونعم المرسل، ونعم المرسل إليه!
يُسَطِّرُ شِعْرًا فِي هَوَاكِ مُعَارِضًا= (أُغالِبُ فِيكَ الشَّوْقَ وَالشّوْقُ أَغْلَبُ)
رائع جدا!
وكنت أفضل أن يكون هذا البيت ختاما لأبياتك الرائعة هذه؛ على عادة أكثر المعارضات في ذلك.
وَهَلْ يَبْلُغُ المُشْتَاقُ يَوْمًا مُرَادَهُ = بِنَظْمِ قَوَافٍ دُونَ وَصْلٍ يُقَرِّبُ؟!
الاستفهام هنا جميل جدا؛ وبخاصة أنه خرج إلى غرض بلاغي خدم المعنى وعضّد التجربة الشعورية.
وَأَتْعَسُ أَهْلِ الأَرْضِ مَنْ بَاتَ عَاشِقًا = وَدُونَ الَّذِي يَهْوَاهُ عَنْقَاءُ مُغْرِبُ
ألحظ هنا شيئا من المبالغة في استعمال (أتعس) بصيغتها تلك؛ وإنما قصدت بها معارضة (أظلم) عند المتنبي؛ مع اختلاف السياقين.
ـ أعجبني أيضا حسن استثمارك لشعر المتنبي فيما تريده من معنى؛ وهي ميزة بدأت تظهر عندك واضحة جلية!
أخي الحبيب أبا سهيل: قصيدتك بحق رائعة، وقد فتحت بابا في الإبداع أرجو ألا يقفل. وهي وإن كانت في معارضة كبير الشعراء إلا أنك قد أحسنت استثمار بعض معانيها؛ وحولتها بحذق إلى ما قصدت من معنى.
أبحرت فيها بسفينك في أتون بحر الطويل؛ الذي لن تنفك بعد اليوم تبحر فيه؛ وعندها ستزهد في غيره من البحور؛ لأن له هيبة الملوك وكرم عطائهم.
أسلوبك جيد؛ لولا حاجتك إلى مزيد من الدربة حتى تتمكن من سبك الألفاظ سبكا تضم فيه النظير إلى نظيره، واللفق إلى لفقه.
استعمالك للصور جيد، على قلة، وكذلك حالك مع البديع.
هذا يا أخي ما عندي على عجالة؛ ولولا ضيق الوقت وكثرة الشغول لحبرتها لك تحبيرا. ولعلي أوفيك حقك في قادم الأيام. ثم إني يا أبا سهيل ممن غلب عليهم الشعر دون النقد؛ فعذرا على التقصير.
وتقبل خالص ودي وتقديري
دمت أديبا مبرزا
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[20 - 07 - 2008, 03:27 م]ـ
وللأديب المتمكن والشاعر المقتدر: " سمير العلم " جزيل الشكر على ريادته في طرح فكرة هذا المشروع، وإشرافه عليه.
مع دعواتي لهذا المشروع الرائع بالنماء والتطور والازدهار.
تحياتي للجميع،،،
¥