تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عن عبد اللَّه بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن لكل شيء سنامًا، وسنام القرآن سورة البقرة، وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة تقرأ خرج من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة) [أخرجه الحاكم في كتاب فضائل القرآن وقال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي فقال: صحيح، وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان باب في تعظيم القرآن، والحديث ذكره الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (588) وقال: أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وهو عندي حسن]

قال العلامة المباركفوري في «تحفة الأحوذي» 8/ 146: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لكل شيء سنام) بفتح السين أي رفعة وعلو استعير من سنام الجمل ثم كثر استعماله فيها حتى صار مثلاً، ومنه سميت سورة البقرة سَنام القرآن قاله الطيبي. وقال ابن الأثير في النهاية: سَنَام كل شيء أعلاه.

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وإن سنام القرآن سورة البقرة) إما لطولها واحتوائها على أحكام كثيرة أو لما فيها من الأمر بالجهاد وبه الرفعة الكبيرة.

وفي رواية: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر). قال المباركفوري في «تحفة الأحوذي»: قوله: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر) أي خالية من الذكر والدعاء فتكون كالمقابر وتكونون كالموتى فيها، أو معناه لا تدفنوا موتاكم فيها، ويدل على المعنى الأول قوله: (وإن البيت الذي تقرأ البقرة فيه لا يدخله الشيطان)، هذه رواية الترمذي، أمَّا رواية مسلم الأولى ففيها: (إن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة).

وفي حديث سهل بن سعد عند ابن حبان: (من قرأها –يعني: سورة البقرة- ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال، ومن قرأها نهارًا لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام)، وخص سورة البقرة بذلك لطولها وكثرة أسماء اللَّه تعالى والأحكام فيها.

وقد قيل: فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر. كذا في المرقاة.

وفي هذا الحديث ترغيب في تلاوة القرآن في البيوت وخصوصًا سورة البقرة.

وقد رويت كلمة «ينفر» و «يفر» في الروايتين السابقتين وكلاهما صحيح.

3 - نادى النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بها:

عن كثير بن عباس عن أبيه قال: كنت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين ورسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- على بغلته التي أهداها له الجذامي «فروة بن عمرو بن النافرة» فلما ولى المسلمون قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا عباس ناد قل: يا أصحاب السَّمرة -هي الشجرة التي كانت عندها بيعة الرضوان- يا أصحاب سورة البقرة-، وكنت رجلاً صيتًا -شديد الصوت عاليه- فقلت: يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة، فرجعوا عطفةً كعطفة البقرة على أولادها، وارتفعت الأصوات وهم يقولون: معشر الأنصار، معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على ابن الحارث بن الخزرج قال: وتطاول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على بغلته فقال: (هذا حين حمى الوطيس) «كناية عن شدة الأمر واضطرام الحرب» وهو يقول: (قدمًا يا عباس)، ثم أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حصيات فرمى بهن ثم قال: (انهزموا ورب الكعبة)). [رواه الإمام أحمد واللفظ له ومسلم والبيهقي].

قال العلماء: ركوبه -صلى الله عليه وسلم- البغلة في موطن الحرب وعند اشتداد البأس هو النهاية في الشجاعة والثبات، ولأنه يكون معتمدًا يرجع إليه المسلمون وتطمئن قلوبهم به وبمكانه وإنما فعل هذا عمدًا، وإلا فقد كان له -صلى الله عليه وسلم- أفراس معروفة، وقد أخبر الصحابة -رضي الله عنه-م بشجاعته -صلى الله عليه وسلم- في جميع المواطن.

وكونه -صلى الله عليه وسلم- يأمر العباس أن ينادي على من فر يوم حنين ويذكر من حفظ منهم سورة البقرة بأنه لا ينبغي لمن حفظ منهم هذه السورة أن يفر ويترك ساحة القتال لعظم هذه السورة وما اشتملت عليه من الإيمان واليقين بالله والأمر بقتال أعداء اللَّه في قوله: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله [البقرة: 193]. فكون النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر العباس أن ينادي بها فهذا دليل على عظمة هذه السورة.

وفي هذا المعنى من المراسيل: عن طلحة بن مصرف اليامي قال: لما انهزم المسلمون يوم حنين نودوا: يا أصحاب سورة البقرة، فرجعوا ولهم خنين -يعني بكاء-. مرسل رجاله ثقات.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير