[مالذي حدث لمفهوم العدالة الاجتماعية في الاسلام؟]
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[26 Jul 2008, 06:10 ص]ـ
[مالذي حدث لمفهوم العدالة الاجتماعية في الاسلام؟]
2008 - 07 - 24 http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=50732&issueNo=213&secId=23
أحمد خيري العمري*
سمير أمين مفكر ماركسي معروف، وهو من الفئة القليلة من المثقفين الماركسيين اليساريين الذين لم يتخلوا عن مبادئهم – عقب انهيار المنظومة الاشتراكية – ولم يتحول، كما فعل الكثيرون، من ماركسيي الأمس، من الوعظ عن الصراع الطبقي ودكتاتورية البروليتاريا إلى التبشير بالليبرالية، وباقتصاد السوق وبجنة أميركا الموعودة.
بعض ماركسيي الأمس تحول من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين بمنتهى السهولة، وبعضهم لم يفعل ذلك لكنه آثر الصمت وربما بكاء الأحلام القديمة. سمير أمين ليس من هؤلاء ولا من أولئك. إنه لا يزال مؤمناً بعقيدته ولا يزال يبشر بما يسميه «العولمة الاشتراكية» – وبحق الطبقات المسحوقة من كل الشعوب في نضالها ضد الطبقة الرأسمالية و» الإمبريالية العالمية»، وضد عملائها من «الكومبرادورية المحلية»! .. وهي ألفاظ صارت شبه مفقودة في الخطاب المعاصر.
و امين كاتب رصين عموما و أبحاثه عن العولمة، مثلاً، في غاية النضج والرصانة. ويمكن اعتبارها مراجعَ علمية بين أكوام الكتب التي أضيفت إلى هذا الموضوع.
لكن هذه الرصانة فارقت أمين في دراسته الأخيرة المعنونة «الإسلام السياسي في خدمة الإمبريالية» المنشورة في الـ monthly review ( ديسمبر 2007) – والتي أعيد نشرها مختصرة في الرأي الآخر اللندنية (عدد مارس 2008) وترجمت كاملة إلى العربية في بعض مواقع الشبكة.
ومضمون الدراسة واضح من عنوانها المثير! وطبعاً من المتوقع من مفكر ماركسي (و من أصول غير مسلمة، إن كان هذا مهما هنا) مثل أمين أن لا يحمل أي تعاطف مع «الإسلام السياسي»، لكن دراسته تتجاوز هذا إلى ما هو أبعد بكثير، ليس بالتعميم فحسب، ولكن أيضاً بنظرية المؤامرة التي يستخدمها الإسلاميون عادة ضد مناهضيهم (وبمهارة أكبر!) – فبالنسبة إلى أمين، فإن الإسلام السياسي «ليس ضد الإمبريالية»، بل هو حليفها الثمين أيضاً (!) وليس هذا فقط بل «الإسلام السياسي هو من فعل الإمبريالية الكامل مدعوماً بالطبع من قوى الرجعية الظلامية ومن الطبقات الكومبرادورية التابعة لها .. »، بل إن أمين ينوه، إلى أن «البناء النظري الذي منح الشرعية للإسلام السياسي (التي يرجعها أمين للمودودي) كانت قد صيغت، بحسب أمين، «بالكامل على يد المستشرقين الإنجليز في خدمة صاحب الجلالة البريطاني!» وهكذا فإن أمين لا يكتفي بالتعميم، بل يذكر أسماء حركات الإسلام السياسي التي يتهمها بأنها كانت صنيعة مباشرة للإمبريالية العالمية، وبضمنها، وبكل بساطة، حركة حماس التي يقول عنها»: إن إسرائيل دعمتها لإضعاف التيارات الديمقراطية والعلمانية في المقاومة الفلسطينية!» وخلال كل ذلك، يختزل أمين قوة الشارع الإسلامي إلى أنه «الصورة المعكوسة لضعف اليسار المنظم»!! أي أنه لا يجد تفسيراً – حتى ولو من وجهة نظره الماركسية – لتنامي الظاهرة الدينية وتعدد امتداداتها، غير ضعف «رفاق النضال في اليسار المنظم!» ..
لا أكتب هذا كله للدفاع عن الإسلام السياسي، فهذا التيار، له كبواته وسقطاته، كما أن له منجزاته ونجاحاته، لكن هذا لا يخص الإسلام السياسي فقط، بل يخص التيارات كلها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
الذي استوقفني في كل هذا هو شيئان اثنان: أولهما أنه بتجاوز التحيز الموجود في رؤية أمين، فإنه يمكن فعلاً ملاحظة تراجع حاد لخطاب «العدالة الاجتماعية» الذي استخدمه سابقاً الإسلام السياسي، حتى المصطلح نفسه، الذي كان عنواناً شهيراً لواحدة من أهم مؤلفات سيد قطب وأبكرها، اختفى تقريباً من الأدبيات الأحدث، والأمر لا يقتصر طبعاً على اختفاء المصطلحات من الخطاب السائد، بل على تراجع الاهتمام بموضوع العدالة الاجتماعية بتداعياته كلها، لصالح موضوع الهوية وصراع الحضارات، والمشاركة الديمقراطية .. الخ.
¥