تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الصبر على الإبتلاء]

ـ[أد. عمر ثابت خضر]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:54 م]ـ

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

الصبر نعمة كبيرة على من يمن الله تعالى بها، وهو إما صبر على البلاء، أو صبر على الطاعة، والمسلم مأجور في كل الأحوال ما دام صابرا.

وعلى الإنسان أن يسلم بما يقع له من ابتلاءات، وأن يستعين عليها بالذكر والقرآن الكريم.

يقول الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي:

للصبر في القرآن مجالات كثيرة يجمعها أحد أمرين: إما حبس النفس عما تحب، أو حبسها على ما تكره. ولهذا الإجمال تفصيل في كتاب الله تعالى.

فهناك الصبر على بلاء الدنيا ونكبات الأيام. وهذا ما لا يخلو منه بر ولا فاجر، ولا مؤمن ولا كافر، ولا سيد ولا مسود، لأنه راجع إلى طبيعة الحياة، وطبيعة الإنسان، وما رأينا أحدًا يسلم من آلام النفس، وأسقام البدن، وفقدان الأحبة، وخسران المال، وإيذاء الناس، ومتاعب العيش، ومفاجآت الدهر.

وهذا ما أقسم الله على وقوعه حين قال: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (البقرة: 155 – 157).

ومما يعين المبتلى على الصبر أن يستعين بالله تعالى، ويلجأ إلى حماه، فيشعر بمعيته سبحانه، وأنه في حمايته ورعايته. ومن كان في حمى ربه فلن يضام. وفي هذا يقول تعالى في خطاب المؤمنين: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 46). وفي خطاب رسوله: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) (الطور: 48).

ومن كان بمعية الله مصحوبًا، وكان بعين الله ملحوظًا، فهو أهل لأن يتحمل المتاعب ويصبر على المكاره.

وإذا العناية لاحظتك عيونها نم، فالمخاوف كلهن أمان!

واصطد بها العنقاء، فهي حبائل واقتد بها الجوزاء، فهي عنان

ولما هدد فرعون موسى عليه السلام وقومه، أن يقتل أبناءهم، ويستحيى نساءهم، مستخدمًا سيف القهر والجبروت، قال موسى لقومه (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا) (الأعراف 128)

ولعل حاجة الصابرين إلى الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه هي بعض أسرار اقتران الصبر بالتوكل على الله في آيات كثيرة مر بنا بعضها. مثل قوله تعالى: (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (النحل: 42)، وقوله على ألسنة الرسل: (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (إبراهيم: 12).

ترتيب خيرات الدنيا والآخرة على الصبر:

رتب القرآن خيرات الدنيا والآخرة على فضيلة الصبر، فالنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، والفوز بالجنة والنجاة من النار، وكل خير يحرص عليه الفرد أو المجتمع، منوط بالصبر، من هذه الخيرات التي ذكرها القرآن:

1 - معية الله تعالى للصابرين: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 153)، وقد ذكرت هذه المعية في القرآن في عدة مواقع:

أ-في سورة البقرة حيث أمر تعالى المؤمنين أن يستعينوا على أمورهم بالصبر والصلاة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 153).

ب-وفي السورة ذاتها على لسان المؤمنين من أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، ولم يشربوا منه إلا من اغترف غرفة بيده: (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة: 249).

ج-وفي سورة الأنفال حيث أمر الله المؤمنين بما يلزمهم لمواجهة العدو من شرائط النصر، وأحدها الصبر: (وَاصْبِرُوا، إِنِّ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 46).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير