تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بلدياتى الدكتور مصطفى محمود]

ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[08 Aug 2008, 11:07 ص]ـ

بلدياتى د. مصطفى محمود

د. إبراهيم عوض

[email protected]

http://awad.phpnet.us/

http://www.maktoobblog.com/ibrahim_awad9

http://ibrahimawad.net.tf

حين اتصل بى الأستاذ فيصل أكرم الكاتب بجريدة "الجزيرة" السعودية للمشاركة بكلمة فى الملف الخاص الذى كانت الجريدة المذكورة تنوى أن تخصصه للدكتور مصطفى محمود، شفاه الله وأطال عمره وأسعده وهنّاه، والذى صدر فعلا مع عدد الاثنين الرابع من رجب 1429هـ، الموافق للسابع من يوليه 2008م، لم أستطع أن أمنع نفسى من الحزن بسبب طبيعتنا غير المتحضرة القائمة على إهمال العلماء والمفكرين وكل من ينفعنا من كبار الرجال، وإن كنت لا أبالى أن يحدث هذا لى عندما يحين دورى، ولسوف يحدث بكل يقين، مع فرق هام هو أننى لم أكن فى يوم من الأيام مشهورا شهرة الدكتور مصطفى محمود ولا غير الدكتور مصطفى محمود. إلا أننى قد دعوت الله منذ وقت بعيد أن يصرف عنى الرغبة فى الشهرة أو انتظار المكافأة على ما أفعل من أحد من البشر، وهو دعاء أحس أن الله تعالى جَدُّه قد استجابه لى. وهذه منة عظيمة لولا هى لكانت حياة الإنسان مرة مرارة لا تطاق. فالحمد لله. إلا أن لموقفى من حالة الدكتور مصطفى محمود وضعا آخر.

ولقد فكرت فى طبيعة الكلمة التى أُسْهِم بها فى الملف المذكور، واحترت لمدة يومين، وأنا لا أدرى ماذا أصنع ... إلى أن انفرجت الحيرة بُعَيْد مغرب الجمعة الثامن من جمادى الآخرة لعام 1429هـ الموافق للثانى عشر من يونيه من عام 2008م، إذ برقت خاطرة فى ذهنى وأنا أتوضأ للصلاة مؤداها أن أنظر فى بعض أحداث حياة كاتبنا اللافتة للنظر ثم أحاول استلهام الدروس منها، فوجدت نفسى بعد الانتهاء من الفريضة أتجه إلى الكاتوب وأجلس إليه وأبدأ الرقن، فكانت تلك الكلمة التى انتهيت منها فى شوط واحد تقريبا لم أقطعه إلا لأداء بعض الأمور البسيطة.

والآن إلى بعض ما شدنى فى حياة الدكتور مصطفى محمود: لقد لفتتنى بقوة فى حياة الرجل ذلك التبرع الذى قدمه له أحد رجال الأعمال فى صورة "صَكٍّ على بَيَاض" كما يقولون كى ينفق منه على إعداد حلقات برنامجه الشهير: "العلم والإيمان". وكان التلفاز المصرى قد قرر لكل حلقة مبلغ ثلاثين جنيها لا غير، فى الوقت الذى تتكلف فيه الحلقة أضعاف أضعاف ذلك المبلغ، مما وقف الدكتور مصطفى أمامه حائرا يائسا لا يدرى ماذا يصنع، فجاءت مبادرة رجل الأعمال الشهم الكريم لتنقذ الموقف. والحق أن ذلك الشخص الذى تحمل كل تلك النفقات الطائلة هو عندى أفضل ممن يبنى مسجدا مثلا، إذ إننا لا نشكو، والحمد لله، من قلة المساجد فى بلادنا، بل من انتشار الجهل وعدم اهتمام الأغنياء بنشر الثقافة والعمل على إيصالها لمن يحتاجها ولا يستطيع القيام بنفقاتها. وأنا أنتهز هذه الفرصة وأدعو أغنياء العرب والمسلمين إلى تبنى هذا المشروع، مشروع نشر الثقافة بين جماهير المسلمين المغيبة العقل، تاركا لهم الاستعانة بالمختصين كى يرسموا لهم الطرق الموصلة إلى هذا الهدف، وإن كان من الممكن أن أشير هنا إلى ما أكرره دائما من أن معظم أغنيائنا للأسف (وكذلك الحال مع الفقراء وأوساط الناس أيضا حتى لا يغضب أحد) لا يفكرون أبدا فى شراء كتاب ولا فى قراءته. ورأيى أنهم إذا كانوا لا يقرأون ولا يريدون أن يقرأوا، وهذا بلا أدنى ريب عيب، وعيب قبيح، فلا ينبغى لهم أيدا أن يضيفوا إلى هذا العيب القبيح عيبا آخر، وهو عدم تشجيع من يريد القراءة ولكنه يعجز عن تدبير المال اللازم لها، وكذلك عدم تشجيع المؤلفين، الذين يستطيعون أن يكتبوا ويبدعوا ويخدموا أمتهم ودينهم وشعوبهم، إلا أنهم تنقصهم نفقات طبع الكتب التى يؤلفونها فيتوقفون يائسين مكروبين، على حين يستطيع الأغنياء أن يتقربوا إلى الله بشراء مثل هذه الكتب وإهدائها حسبةً إلى القارئين غير القادرين فينفعوا بذلك الطرفين: المؤلفين والقارئين على السواء، ويكسبوا بذلك أجرين لا أجرا واحدا، والله يضاعف لمن يشاء.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير