تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تحقيق المناط في توسعة المسعى للدكتور محمد المختار الشنقيطي]

ـ[أبو عبد الله محمد مصطفى]ــــــــ[18 Jul 2008, 01:26 م]ـ

[تحقيق المناط في توسعة المسعى للدكتور محمد المختار الشنقيطي]

للدكتور محمد المختار بن الشيخ - محمد الأمين الشنقيطي

المعهد العالي للأئمة والخطباء - جامعة طيبة المدينة المنورة

بسم الله الرحمن الرحيم

تباينت أقوال العلماء الأجلاء في جواز السعي بين الصفا والمروة وحكم التوسعة الجديدة والحديث في هذا الباب يتلخص في ثلاث نقاط، أما النقطة الأولى: فهي في معنى تحقيق المناط والتمثيل له وتطبيقه على توسعة المسعى، والنقطة الثانية: في الاستدلال على أن زيادة المسعى واقعة بين الصفا والمروة بما ورد من كلام العلماء من التعريف بالصفا والمروة وتحديدهما (وهما المناط): والنقطة الثالثة: في حكم السعي (التطواف) بالصفا والمروة في الحج والعمرة، وخاتمة الحديث خلاصة ما توصل إليه البحث.

أما النقطة الأولى وهي: معنى تحقيق المناط، فمعنى (التحقيق) في اللغة (التثبيت) والتدقيق، وحق الأمر وجب، ووقع و (المناط) لغة: مكان النوط وهو التعليق القاموس (ج2، ص389، ج3 ص221).

ومعنى تحقيق المناط في الاصطلاح هو: (إثبات العلة في الفرع) المذكرة ص380 أو هو (إثبات العلة المتفق عليها بنص أو إجماع بالاجتهاد في صورة التراع) البحر (ج5 ص256)، وهو ما عبر عنه الشاطبي بقوله: ومعناه (أن يثبت الحكم بمدركه الشرعي لكن يبقى الحكم في تعيين محله) وذلك أن الشارع إذ قال {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} وثبت عندنا معنى العدالة شرعا افتقرنا إلى تعيين من حصلت فيه هذه الصفة، وليس الناس في وصف العدالة سواء بل إننا إذا تأملنا العدول وجدنا لاتصافهم بها طرفين وواسطة (طرف أعلى) في العدالة لا إشكال فيه كأبي بكر الصديق (وطرف آخر) وهو أول درجة في الخروج عن مقتضى الوصف كالمجاوزة لمرتبة الكفر إلى الحكم بمجرد الإسلام فضلاً عن مرتكبي الكبائر المحدودين فيها، وبينهما مراتب لا تنحصر وهذا الوسط غامض لابد فيه من بلوغ حد الوسع وهو الاجتهاد (الموافقات ج4 ص90).

وقبل تحقيق المناط (إثبات العلة في آحاد صورها بالنظر والاجتهاد في معرفة وجودها في آحاد الصور بعد معرفتها في نفسها) كتحقيق ان النباش سارق، وكتحقيق جهة القبلة التي هي مناط وجوب استقبالها المشار إليه بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} والإشهاد المشار إليه بقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} وتحقيق المثل في قوله تعالى: {فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} فجهة القبلة مناط وجوب استقبالها ومعرفتها عند الاشتباه مظنونة، والعدالة مناط قبول الشهادة ومعرفتها في الشخص المعين مظنونة، وكذلك المثل في جزاء الصيد (نشر البنود ج2 ص207 الإبهاج ج3 ص89).

وقيل تحقيق المناط (إثبات الحكم في صورة النزاع) فإن كان بواسطة تطبيق النص العام على أفراده فليس بقياس، وقد سبقت أمثلته من الإشهاد وجزاء المثل، وإن كان بواسطة العلة فهو قياس، وقد سبق التمثيل له بجعل النباش سارقاً، ويمثل له بإثبات الطهارة للفأرة والكلب قياساً على الهرة بعلة التطواف، وإذا علم معنى تحقيق المناط بأمثلته انتقلنا إلى تطبيقه على توسعة المسعى وذلك أن الله عز وجل نص على مناط التطواف (السعي) بينهما ومعرفة أن الزيادة واقعة بين الصفا والمروة مظنونة فنثبت أنها واقعة بينهما بالاجتهاد والنظر والتحري في أدلة ذلك وأماراته، وكما أن جهة القبلة تعرف بأمارات مثل مهب الريح والشمس والقمر والنجوم، والعدالة لها أمارات كذلك، فكذلك كون الزيادة في المسعى داخلة وواقعة بين الصفا والمروة بأدلة وأمارات وهي موضوع النقطة الثانية.

النقطة الثانية: في الاستدلال على أن الزيادة واقعة بين الصفا والمروة بما ورد من كلام العلماء وأهل الخبرة من أهل مكة المكرمة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير