تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعيداً عن الآيات المحكمة والأحاديث الصريحة والإجماع المنعقد، فثمّة دلالاتٌ على ختم النبوّة والرسالة تظهر لمن تأمّل خصائص رسالته عليه الصلاة والسلام.

فمن ذلك أن آية نبوته دائمة: فالقرآن هو أعظم الآيات الدالة على صدق نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وإن كانت لنبوته آيات أخر ولكن هذه هي الآية التي بينت نبوته وشهدها الجميع ولم يزل الإعجاز والتحدّي بها قائماً بعده إلى يوم الناس هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بخلاف آيات الأنبياء السابقين فإنها كانت آنيّة الآيات لحظيّةً غير مستمرّة، سرعان ما ينتهي عملها ويزول أثرها.

أما النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد أراد الله عزوجل أن تتناسب آية نبوته مع كونه خاتم النبيّين، فكانت القرآن الذي جاء به التحدّي للخليقة كلّها على الدوام أن يأتوا بمثله فقال {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (البقرة/23، 24)، وتعهد عز وجل بجمعه وأن لا يضيع منه شيء فقال: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (القيامة/16 - 19) , وحفظ القرآن من الضياع والتحريف فقال {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت/41، 42) ,فكانت آية نبوته باقية بعد موته حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

كذلك نرى في طبيعة الرسالة التي جاء بها النبي – صلى الله عليه وسلّم – ما يؤيّد خاتميّة النبوّة والرسالة،: فالإسلام هو الدين الخاتم الذي ارتضاه الله للبشريّة، كما قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} (المائدة: 3)، وقال تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} (آل عمران: 85).

وإذا نظرنا إلى الإسلام وجدنا شرعه مكتمل شامل على كل شيء ولم يغفل شيء وكذا وجدناه مناسبا لكل زمان ومكان وعرق ,بل ليس فيها يء من الإصر ولا الأغلال {ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم} (الأعراف: 57. (ووجدنا في شريعة الاسلام الحل لكل مشاكل الأمم , وكلما أراد الناس الهدى والرشاد في غيره وجدوا الضلال وضنك العيش.

وبين عز وجل خصائص القرآن وتشريعه بأنه مهيمنا على الشرائع: قال تعالى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (المائدة/48) فلا يكون شرع مبدلا للإسلام، بل هو خاتمة الأديان.

إنها إذاً قضيّة محسومة، اجتمع فيها صحة السند مع تعدد الرواة عن النبي – صلى الله عليه وسلّم – في أحاديث عدّة ومع تعدد المواطن، وكلها تنصّ على قفل باب النبوّة وانقطاع الوحي , فهل يملك أحدٌ بعد ذلك أن يُغالط أو يعاند؟.

والحمد لله رب العالمين

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير