تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأرى أن المسألة مرتبطة بأمر آخر يجب بيانه في هذا المقام وهو أننا لو فرضنا جدلا خروج التوسعة الجديدة عن محاذاة الجبلين الصفا والمروة فهل يمنع ذلك من صحة السعي فيها؟

إن الأصل كما عرفناه سابقا هو وجوب إيقاع السعي بين الجبلين بحيث لا يخرج عن السمت والمحاذاة بين الجبلين ولكن لو دعت الحاجة كالزحام الشديد إلى الخروج عن محاذاة الجبلين فإن المسعى الخارج يعتبر في حكم المتصل والواقع بين الجبلين، ويسمى مثله في مصطلحات العلماء بالمتصل حكما، وله نظائر فقهية متعددة منها: ما جاء عن الإمام أحمد في الرجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة وأبوابه مغلقة فقال: أرجو ألا يكون به بأس.

ومنها: ما ذهب إليه الحنابلة وغيرهم من صحة الاقتداء بالإمام إذا كان المأموم خارج المسجد متى اتصلت الصفوف، وقد ذكر المجد وغيره أن المشترط هو الاتصال العرفي بمعنى ألا يكون بينهما بعد كثير لم تجر العادة بمثله، فالبعد اليسير أو الكثير الذي لا يخرج في العادة عن الاتصال فهو كالصف المتصل حكما.

ومنها: قول أحمد في المنبر يوم الجمعة إذا قطع الصف فإنه لا يضر ويجوز للحاجة، وألحق بذلك بعض الحنابلة كل بناء بني لمصلحة المسجد.

ومنها: قول الرجل لامرأته: أنت طالق - يا فاطمة - إن خرجت من الدار، فإن الشرط هنا معتبر لأنه متصل حكما، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إلا الإذخر) بعد فاصل يسير.

ولا شك أن واقع المسعى القديم في عصرنا يعاني من الزحام الشديد الذي يوقع في الحرج والمشقة، ولا سيما لدى كبار السن والنساء والأطفال، وخاصة في أيام المواسم، ومثل هذه المشقة الزائدة معتبرة في الشرع، وهي سبب للتوسعة والرخصة كما قال الفقهاء: (المشقة تجلب التيسير) وكما قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} فالخلاصة أن التوسعة الجديدة داخلة في محاذاة الصفا والمروة وأن الزيادة لها حكم المزيد فيه، ولو فرضنا جدلا خروجها عن المحاذاة والبينية فإن ذلك لا يمنع صحة السعي في حالة المشقة والحاجة لكونها في حكم المتصل ولأن الحاجة العامة تقتضيها، والله أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير