تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

للحجة).

وقال ابن رجب رحمه الله: (وأما الاعتماد فقد أنكرت عائشة رضي الله عنها أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في شهر رجب بل هو كغيره من الشهور).

هذا وإن من الأخطاء المخالفة للسنة الاحتفال بالإسراء والمعراج زعما أنها ليلة سبع وعشرين، وهذا أمر باطل من جهتين:

الأولى: أن علماء الشريعة أوضحوا أنه لم يأت في تعيينها حديث صحيح لا في رجب، ولا في غيره وما ورد في تعيينها غير ثابت عند المحدثين.

والثانية: أنها واو كانت معينة، فهو عمل لا أصل له، بل هو من البدع المحدثة، قال بعض المحققين: (صلاة ليلة السابع والعشرين من رجب وأمثالها أمر غير مشروع باتفاق أئمة الإسلام كما نص على ذلك العلماء المعتبرون، ولا ينشئ ذلك إلا جاهل مبتدع).

عباد الله، نحن في مستهلّ رجب شهر كريم، ينبغي أن يُعْمَرَ كغيره من الأوقات والأزمان بطاعة الرحمن والبُعد عن سَخَط الديّان، ولكن الحذر من تعبّدات محدثة لا برهان عليها من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالأصل المقطوع به في الدين النهي عن تخصيص زمان أو مكان بعبادة من العبادات إلا بدليل من الوحيين. فما أحدث من صلاة الرغائب وهي ما يفعل من الركعات ليلة أول جمعة من رجب، اعتقادًا بشرعيتها وفضيلتها في هذا الزمان بعينه، فذلك بدعة محدثة، كما صرح بذلك النووي وشيخ الإسلام والعز بن عبد السلام والشاطبي وغيرهم.

واعلموا عباد الله أن ما شاع عند البَعْض من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ليلة السابع والعشرين من رجب، فهو أمر محدث لم يكن عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولا القرون المفضّلة، ولا من تبعهم بإحسان من أهل الفضل والإيمان. ثم إن هذا العمل كما هو خطأ شرعًا فهو خطأ تاريخيًا؛ فإن تحديد هذه الواقعة بهذه الليلة لم يثبت تاريخيًا، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "وذكر بعض القصّاص أن الإسراء والمعراج كان في رجب، وذلك كذب". ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ عند الكلام عن ليلة الإسراء والمعراج ـ: "ولم يقم دليل معلوم لا على شهرها ولا على عَشْرها ولا على عينها، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة، ليس فيها ما يُقطع به، ولا شُرِعَ للمسلمين تخصيص الليلة التي يُظنّ أنها ليلة الإسراء، بقيام ولا غيره بخلاف ليلة القدر".

فاحذروا عباد الله مما ليس بمشروع والزموا السنة في جميع أوقاتكم وشتى أحوالكم: "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ".

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير