ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[08 Aug 2008, 04:54 م]ـ
تتمة: =
ثانياً - التّشبّه بالكفّار في أعيادهم
11 - لا يجوز التّشبّه بالكفّار في أعيادهم، لما ورد في الحديث «من تشبّه بقوم فهو منهم»، ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفّار في كلّ ما اختصّوا به. قال اللّه تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عنكَ اليهودُ وَلا النَّصَارى حتّى تَتَّبِعَ مِلّتَهم قلْ إنَّ هُدى اللّهِ هو الهُدَى وَلئنْ اتَّبعتَ أَهواءَهم بَعْدَ الّذي جَاءَكَ مِنَ العلمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِنْ وليٍّ ولا نَصِيرٍ}
وروى البيهقيّ عن عمر رضي الله عنه أنّه قال: لا تعلّموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإنّ السّخطة تنزل عليهم.
وروي عن عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما أنّه قال: من مرّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبّه بهم حتّى يموت وهو كذلك، حشر معهم يوم القيامة.
ولأنّ الأعياد من جملة الشّرع والمناهج والمناسك الّتي قال اللّه سبحانه وتعالى: {لِكلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً همْ نَاسِكُوه} كالقبلة والصّلاة، والصّيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المباهج، فإنّ الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد من أخصّ ما تتميّز به الشّرائع ومن أظهر ما لها من الشّعائر، فالموافقة فيها موافقة في أخصّ شرائع الكفر وأظهر شعائره. قال قاضيخان: رجل اشترى يوم النّيروز شيئاً لم يشتره في غير ذلك اليوم: إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما يعظّمه الكفرة يكون كفراً، وإن فعل ذلك لأجل السّرف والتّنعّم لا لتعظيم اليوم لا يكون كفراً. وإن أهدى يوم النّيروز إلى إنسان شيئا ولم يرد به تعظيم اليوم، إنّما فعل ذلك على عادة النّاس لا يكون كفراً. وينبغي أن لا يفعل في هذا اليوم ما لا يفعله قبل ذلك اليوم ولا بعده، وأن يحترز عن التّشبّه بالكفرة.
وكره ابن القاسم - من المالكيّة - للمسلم أن يهدي إلى النّصرانيّ في عيده مكافأة، ورآه من تعظيم عيده وعونا له على كفره. وكما لا يجوز التّشبّه بالكفّار في الأعياد لا يُعَانُ المسلم المتشبّه بهم في ذلك بل ينهى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تجب دعوته، ومن أهدى من المسلمين هديّة في هذه الأعياد، مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تقبل هديّته، خصوصا إن كانت الهديّة ممّا يستعان بها على التّشبّه بهم، مثل إهداء الشّمع ونحوه في عيد الميلاد.
هذا وتجب عقوبة من يتشبّه بالكفّار في أعيادهم.
وأمّا ما يبيعه الكفّار في الأسواق في أعيادهم فلا بأس بحضوره، نصّ عليه أحمد في رواية مهنّا. وقال: إنّما يمنعون أن يدخلوا عليهم بيعهم وكنائسهم، فأمّا ما يباع في الأسواق من المأكل فلا، وإن قصد إلى توفير ذلك وتحسينه لأجلهم. وللتّفصيل (ر: عيد).
ثالثاً - التّشبّه بالكفّار في العبادات:
يكره التّشبّه بالكفّار في العبادات في الجملة، ومن أمثلة التّشبّه بهم في هذا المجال:
أ - الصّلاة في أوقات الكراهة:
12 - نهى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصّلاة في أوقات الكراهة منها للتّشبّه بعبادة الكفّار. فقد أخرج مسلم من حديث عمرو بن عنبسة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «صلّ صلاة الصّبح، ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تطلع الشّمس حتّى ترتفع، فإنّها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفّار. ثمّ صلّ فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة حتّى يستقلّ الظّلّ بالرّمح. ثمّ أقصر عن الصّلاة فإنّ حينئذ تسجر جهنّم، فإذا أقبل الفيء فصلّ فإنّ الصّلاة مشهودة محضورة حتّى تصلّي العصر. ثمّ أقصر عن الصّلاة حتّى تغرب الشّمس فإنّها تغرب بين قَرْنَيْ شيطان وحينئذ يسجد لها الكفّار». وللتّفصيل في الأحكام المتعلّقة بأوقات الكراهة (ر: الموسوعة الفقهيّة 7 180 أوقات الصّلاة ف 23)
ب - الاختصار في الصّلاة:
13 - لا خلاف بين الفقهاء في كراهة الاختصار في الصّلاة لأنّ اليهود تكثر من فعله، فنهي عنه كراهة للتّشبّه بهم، فقد أخرج البخاريّ ومسلم واللّفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه «نهى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يصلّي الرّجل مختصراً» وأخرج البخاريّ أيضاً في ذكر بني إسرائيل من رواية أبي الضّحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنّها كانت تكره أن يضع يده على خاصرته، تقول:" إنّ اليهود تفعله "
زاد ابن أبي شيبة في رواية له: «في الصّلاة»