فالمعاشرة الزوجية يشترك في أدائها الزوجان، ويتعاونان على تحقيق التوازن النفسي من خلالها، لكن المعاشرة الزوجية لها آدابًا ينبغي مراعاتها، كما أن لها معايير ينبغي عدم تجاوزها، وأنجح العلاقات الزوجية ما يكون فيها الزوجان متناوبي الأدوار في هذا الأمر، فمرة يكون الزوج هو المانح، ومرة يكون هو الآخذ، وكذلك الزوجة، مرة تكون هي المانحة، ومرة تكون هي الآخذة، فتبادل الأدوار بين الزوجين حسب رغبتهما وتعاونهما جميعًا على الأخذ والعطاء يؤثر تأثيرًا إيجابيًا في العلاقة الزوجية، وتصبح عندها النفوس مستقرة تملؤها المحبة والمودة.
وقد يسأل بعض الأزواج عن مواصفات العلاقة الجنسية الناجحة، ولا شك أن العلاقة الجنسية الناجحة بين الزوجين هي التي تتم ضمن جو من المحبة والاحترام والتقدير بين الزوجين، وليس في جو من السيطرة من طرف على الآخر.
وقد أشارت الدراسات إلى أن بعض الصعوبات الجنسية يمكن أن تحدث عند عدد كبير من الأزواج، وحتى الذين تجمع بينهما علاقة زوجية سعيدة في الجوانب الأخرى للعلاقة الزوجية.
وقد وُجد أيضًا أن معظم هذه الصعوبات تتحسن بشكل جذري بمجرد أن يحاول الزوجان إعطاء متسع من الوقت للحديث واللمس وعدم التسرع في هذا الأمر، إن هذا البطء في التفاعل يشعر كل طرف بأن الآخر سعيد جدًا من هذه العلاقة، وأنه يعطيها كل وقته واهتمامه، وأنه لا شك مستمتع بهذه الصحبة والعلاقة، إن هذا الاطمئنان يعطي الطرفين أرضية طيبة لبناء المحبة والارتباط.
وفي مثل هذا الجو من المحبة والتفاهم يستطيع الزوجان الحديث فيما يرغبان به، وما يسعدهما في علاقتهما الزوجية والجنسية على حد سواء، وقد وُجد أن الزوجين يكونان أكثر سعادة عندما يتمكنان من المصارحة في الحديث معًا عن الجنس والجماع، وعما يشعر بها كل منهما، وما يريده وما يرغب به، وعن مشاعره وخيالاته، وعن المشاعر والمواقف السلبية، ولكن مع الانتباه إلى التفريق بين مشاركة هذه التجارب السلبية مع الطرف الآخر وبين الدخول في مشاجرة ونزاع وجدل، فكل المشكلات قابلة للحل ويمكن نقاشها، ولكن في الوقت المناسب وليس وقت المداعبة والاقتراب.
خامسًا ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله: ((هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك)) [متفق عليه]، فانظري إلى هذا الحث من النبي صلى الله عليه وسلم على ملاعبة الزوجة للزوج، وملاعبة الزوج للزوجة، فإنها مما يغرس الحب في قلب الزوجين والسكينة، وتتم به المتعة، وتحدث به الألفة.
والمداعبة قد تأخذ أي صورة يحبها ويتفق عليها الزوجان وتحقق لهما المتعة والسعادة ولا تقتصر على الفراش، بل قد تكون في الاغتسال معًا، أو غيره من أشكال التلطف والمداعبة التي يحبها الزوجان، وهي من أسرارهما ولهما أن يبدعا فيها كما يحبان ما دامت تحقق لهما الإحصان والسكن وتخلو من محرمات حرمها الله.
هذه هي المرأة المسلمة التي لها دور إيجابي في العلاقة الزوجية، وإيجابية الزوجة عامل أساس لنجاح الحياة الزوجية، وقد جاءت الروايات لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((هلا جارية تلاعبها وتلاعبك)) [متفق عليه]، وفيه زيادة أيضًا: ((تضاحكها وتضاحكك)) [متفق عليه]، وفي رواية محارب بن دثار: ((مالك وللعذارى ولعابها)) [رواه البخاري].
والمقصود من كل ذلك هو المبادلة سواء في الملاعبة أو المضاحكة أو الإثارة، وإشعار الزوج بأنها تحب منه ما يحب منها، فكوني ظريفة، لطيفة، مرحة، وعليك بالمزاح والدلال، ولا يفوتك أمر هام في العلاقة الزوجية؛ أن تبدأ المرأة بإثارة الرجل ـ الزوج ـ الذي يخرج كل ما في جعبته على الأثر فتحصل للمرأة المتعة المطلوبة.
إن النظرة، والكلمة، واللمسة، والعطر، وغيرها من وسائل الإثارة تنبه المراكز العصبية الموجودة في المخ والمسئولة عن الجنس، فكل ما على الزوجة عمله هو الإثارة، ثم التفاعل الوجداني مع الزوج أثناء ذلك، والانصياع له، والليونة تحت يديه، والخفة، والرقة، والتودد، والإثارة بما يشعره بتبادل المشاعر ومشاركة اللذة فيزيد في المتعة.
وهنا يكمن السر في المعاشرة؛ ألا وهو اللطف واللين والمداعبة والملاعبة واختيار الوقت المناسب بذلك يعيش الزوجان حياة هانئة يستمتعون فيها بكل أوقاتهم، يتفهم كل منهما نفسية الآخر، والأوقات المحببة إلى النفس، وتهيئة النفس لذلك والتعود عليها.
¥