تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال الشاطبي عند قوله تعالى: ? وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ? قوله تعالى: ? وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ? فهذا واضح في أنه إذا تعارض حق الله وحق العباد فالمقدم حق الله فإن حقوق العباد مضمونة على الله تعالى والرزق من أعظم حقوق العباد فاقتضى الكلام أن من اشتغل بعبادة الله كفاه الله مئونة الرزق، وإذا ثبت هذا في الرزق ثبت في غيره من سائر المصالح المجتلبة، والمفاسد المتوقاة، وذلك أن الله قادر على الجميع، وقال تعالى: ? وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله ? وفى الآية الأخرى ? وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ? وقال: ? ومن يتوكل على الله فهو حسبه ? بعد قوله: ? ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ? فمن اشتغل بتقوى الله تعالى فالله كافيه والآيات في هذا المعنى كثيرة، والثاني ما جاء في السنة من ذلك كقوله صلى الله عليه وسلم أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده أمامك تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله جف القلم بما هو كائن فلو اجتمع الخلق على أن يعطوك شيئا لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليه وعلى أن يمنعوك شيئا كتبه الله لك لم يقدروا عليه الحديث فهو كله نص في ترك الاعتماد على الأسباب وفي الاعتماد على الله والأمر بطاعة الله وأحاديث الرزق والأجل كقوله اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وقال صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب في ابن صياد إن يكنه فلا تطيقه وقال جف القلم بما أنت لاق ().

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قوله إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله هو من أصح ما روى عنه وفى المسند لأحمد أن أبا بكر الصديق كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد ناولني إياه ويقول إن خليلي أمرني أن لا أسأل الناس شيئا، وفى صحيح مسلم عن عوف بن مالك أن النبي بايع طائفة من أصحابه وأسر إليهم كلمة خفية أن لا تسألوا الناس شيئا قال عوف فقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد ناولني إياه، وفى الصحيحين عن النبي ? أنه قال: يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب وقال هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فمدح هؤلاء بأنهم لا يسترقون أي لا يطلبون من أحد أن يرقيهم والرقية من جنس الدعاء فلا يطلبون من أحد ذلك " ().

قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: الحديث التاسع عشر عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال لي يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك إن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح في رواية غير الترمذي أحفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً " هذا الحديث خرجه الترمذي من رواية حنش الصنعاني عن ابن عباس وخرجه الإمام أحمد من حديث حنش الصنعاني مع إسنادين آخرين منقطعين ولم يميز لفظ بعضها من بعض ولفظ حديثه يا غلام أو يا غليم أعلمك كلمات ينفعك الله بهن فقلت بلى فقال أحفظ الله يحفظك أحفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله قد جف القلم بما هو كائن فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا وهذا اللفظ أتم من اللفظ الذي ذكره الشيخ رحمه الله وعزاه إلى غير الترمذي واللفظ الذي ذكره الشيخ رواه عبد بن حميد في مسنده بإسناد ضعيف عن عطاء عن ابن عباس وكذلك عزاه ابن الصلاح في الأحاديث

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير