وبعد صلاة العصر يقرأ أذكار المساء وما تيسر من القرآن الكريم وبعد المغرب وقت للعشاء والراحة وبعد ذلك يصلي العشاء والتراويح وبعد صلاة التراويح يقضي حوائجه الضرورية لحياته اليومية المنوطة به لمدة ساعتين تقريبا ثم ينام إلى أن يحين وقت السحور فيقوم ويذكر الله ويتوضأ ويصلي ما كتب له ثم يشغل نقسه فبل السحور وبعده بذكر الله والدعاء والاستغفار والتوبة إلى أن يحين وقت صلاة الفجر.
والخلاصة أنه ينبغي للمسلم الراجي رحمة ربه الخائف من عذابه أن يراقب الله تعالى في جميع أوقاته في سره وعلانيته وأن يلهج بذكر الله تعالى قائما وقاعدا وعلى جنبه كما وصف الله المؤمنين بذلك , ومن علامات القبول لزوم تقوى الله عز وجل لقوله تعالى إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.
إن الملوك إذا شابت عبيدهم ... في رقهم عتقوهم عتق أبرار
وأنت ياخالقي أولى بذا كرما ... قد شيت في الرق فاعتقني من النار
يقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان اجود مايكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن .. ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
والريح المرسلة التي تهب معطاءة وكريمة ورخوا فكان المصطفى عليه الصلاة والسلام أجود الناس في رمضان. ماسئل سؤالا فقال: لا
وفي رمضان يُخصص هذا الشهر لقراءة القرآن .. وقد فهم هذا علماء الأمة فعطلوا الفتيا وحلقات العلم والتدريس والاتصالات الخارجية بالناس وأخذوا المصحف يتدارسونه يضعون دواءه على الجراحات ويأخذون بلسمه على الأرض والأسقام فيشفيهم رب الأرض والسماء لأن هذا القرآن شفاء ونزل في الليل وأتى في رمضان ليحيى الأمة الميتة التي ماعرفت الحياة وينير بصيرة الأمة التي ماعرفت البصيرة ويرفع رأس الأمة التي كانت في التراب.
لما أتى عليه الصلاة والسلام قال لأمته في أول رمضان ماقاله الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزئ به) لأنه سر بينك وبين الله لايطلع على صيامك إلا الله ولا يعلم أنك صائم إلا الله بإمكانك أن تأكل وراء الجدران وأن تشرب وراء الحيطان ولكن من الذي يعلم السر وأخفى إلا الله.
من الذي يعلم أنك أكلت أو شربت أو تمتعت؟ إلا الله .. هو رب الظلام ورب الضياء.
فالصلاة تُصلى بمجمع من الناس .. والزكاة تزكى بمجمع من الناس .. والحج يُحج بمجمع من الناس .. أما الصيام فيا سبحان الله: قد تختفي في الظلام وتأكل وتشرب ويظن الناس أنك صائم .. ولكن الله يدري أنك لست بصائم .. هو سر بينك وبين الله ..
ثم أنظر للتلطف في لفظ الحديث القدسي يوم يقول الله تعالى: يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي يقول الله: ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) حديث صحيح.
يوم تهب رائحة الصوم .. ويتأذى منها الناس .. تنبعث شذا وعبيرا فتسبح عبر الأثير إلى الحي القيوم .. فتكون كالمسك الخالص.
كل عمل ابن آدم له الحسنة بمثلها أو بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة إلا الصيام فلا يعلم ثوابه إلا الله. وخصص الله للصائمين بابا في الجنة بابا واسعا يدخل منه الصوام يوم القيامة يناديهم الله بصوته إذا دخلوا: كلوا يامن لم يأكلوا واشربوا يامن لم يشربوا وتمتعوا يامن لم يتمتعوا.
وفي الحديث: (إن في الجنة بابا يسمى الريان يدخل منه الصائمون لايدخل منه غيرهم فإذا دخلوا أغلق الباب فلا يدخل منه غيرهم)
وقال: (من صام يوما في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا).
فيا أيها المسلمون:
يامن ولدتم على لا إله إلا الله .. ويامن شببتم على لا إله إلا الله جاءكم شهر رمضان وأصبح منكم قاب قوسين أو أدنى فالله الله .. لايخرج رمضان منكم وقد خاب الكثير لاتعوض فإنه التوبة وإنه القبول من الله أكثروا فيه من الذكر بآيات الله البينات واهجروا الأغاني الماجنات الخليعات السافلات السخيفات التي أغوت القلوب عن ربها سبحانه.
¥