تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولعل جنازته المهيبة ـ التي لا أذكر أنني رأيت مثلها في بلدنا ـ كشفتْ لكل الحاضرين شيئاً من حب الناس له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ـ كما في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه ـ: "أنتم شهداء الله في الأرض"، حتى إن كثيراً ـ الذين جاءوا من خارج المحافظة ـ، تعجبوا من ظهور التفجع على أوجه الجميع ـ كما حدثني بذلك بعضهم ـ، وما هذا إلا قرينة على ما وضعه الله لهذا الشيخ المبارك من القبول والمحبة، وإنا لنرجو ـ إن شاء الله ـ أن تكون علامة قبول في السماء!

الله أكبر .. إنها المحبة والمودة التي لا يمكن أن تشترى، ولا أن يجامل الناس فيها، ولذا اشتهرت كلمة الإمام أحمد: قولوا لأهل البدع، بيننا وبينكم يوم الجنائز!

ومن أراد أن يطلع على شيء من مكانة الشيخ عند محبيه والذين عرفوه، فليقرأ التعليقات التي كتبت على آخر مقالٍ له، والذي نشر في موقع المسلم بعنوان: "صوم مودع" والذي نشر في 3/ 9/1429هـ.

بكيتك يا أُخَيَّ بدمع عيني ... فلم يغن البكاء عليك شيئاً

وكانت في حياتك لي عظات ... فأنت اليومَ أوعظَ منك حياً

ومما يسلي النفس ـ وهي تودع حبيبها ـ أن الشيخ أبا حذيفة ـ رحمه الله ـ مات جسده، وبقي بدعوته، وآثاره الحسنة، وبصماته المتميزة.

ومن جميل صنع الله له، أن بادر ـ رحمه الله ـ إلى طبعِ جملةٍ من المقالات في كتاب أسماه: [أبواب في العلم والدعوة والتربية] وقد نشرته مكتبة طيبة، فضلاً عن عدد مبارك من المقالات التي نشرت في مجلة البيان ـ كان آخرها الذي نشر في مجلة البيان بعنوان: (معالم في طريق التوبة) في عدد رمضان الحالي ـ، ومقالاتٍ في موقع المسلم، وغيرها ذلك كثير.

كما أن للشيخ ـ رحمه الله ـ عدداً من الطلاب الذين أفادوا من علمه، وزرع فيهم مع العلم: الأدب والخلق، يرجى أن يخرج الله منهم عشرات يحملون همّ الدعوة إلى الله كما حمّلهم شيخهم هذا الهم قولاً وعملاً.

وإني لأرجو الله ـ وهو أهلُ الجود والكرم، وأنه عند حسن ظن عبده به ـ أن يكون لأبي حذيفة ـ رحمه الله ـ نصيبٌ مما تمناه وعبّر عنه في رسالته "أوراق دعوية" حيث قال: "فلله! كم للدعاة من أجر يتتابع عليهم في حياتهم وبعد مماتهم؟! يأتون يوم القيامة، فإذا حسنات كالجبال لايذكرون أنهم فعلوها، لكنهم كانوا السبب فيها" اهـ.

نعم أبا حذيفة .. لن تنساك عقلة الصقور .. ولا البجادية .. ولا بلدك التي كنت باراً بها تمام البر، فوالله لو نطقت جميعة تحفيظ القرآن، أو معهد معلمات القرآن، والمراكز الصيفية لشهدت لك بأنك كنت عضواً فاعلاً فيها.

وأهمس ـ في ختام هذه الأسطر ـ في آذان إخوتي من محبي الشيخ من زملاء وطلاب، وأذكرهم بأن من عظمة هذا الدين أنه لم يربط أتباعه، ولم يعلق انتصاره بأشخاص مهما عظمت مكانتهم، حتى لو كان ذلك الشخص هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران/144].

يقول العلامة السعدي ـ رحمه الله ـ معلقاً على هذه الآية: (وفي هذه الآية الكريمة إرشادٌ من الله تعالى لعباده أن يكونوا بحالة لا يزعزعهم عن إيمانهم أو عن بعض لوازمه، فقدُ رئيس ولو عظم، وما ذاك إلا بالاستعداد في كل أمر من أمور الدين بعدة أناس من أهل الكفاءة فيه، إذا فقد أحدهم قام به غيره، وأن يكون عموم المؤمنين قصدهم إقامة دين الله، والجهاد عنه، بحسب الإمكان، لا يكون لهم قصد في رئيس دون رئيس، فبهذه الحال يستتب لهم أمرهم، وتستقيم أمورهم) انتهى كلامه رحمه الله.

أرجو أن يكون في هذه الأسطر ما يكشف شيئاً من سيرة صديقنا وحبيبنا وأخينا الداعية الصادق، والمربي الفاضل أبي حذيفة: إبراهيم بن صالح الدحيم رحمه الله، ولعل الله تعالى أن ينسأ في الأجل لكتابة مطولة كما وعدت بذلك في أول المقال.

اللهم اغفر لأبي حذيفة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه.

سلام عليك أبا حذيفة يوم ولدت، وسلام عليك يوم مت، وسلام عليك يوم تبعث حياً، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيد الدعاة والمصلحين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر: http://www.almoslim.net/node/99442.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Sep 2008, 03:42 م]ـ

أسأل الله أن يتغمده برحمته، وأن يجعله من أهل الدرجات العلى في الجنة، ومثل هذا الرجل لم يمُتْ - كما عنونت مقالك الموفق.

أحسن الله عزاءنا في فقده وألهم أهله وأبناءه الصبر والاحتساب، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ـ[الجخيدب]ــــــــ[18 Sep 2008, 05:35 م]ـ

رحمه الله رحمة واسعة، وما سمعت عنه من بعض الذين زاملوه إلا الثناء والمديح من قبل أن يقضي نحبه فماذا هم قائلون عنه بعد موته، وأسأل الله أن يجري عليه أجر جهاده في الدعوة، وأن يستعملنا في طاعته.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير