ـ[أنوار]ــــــــ[18 - 08 - 2009, 03:58 ص]ـ
لقد وهب الله تعالى محمد ذاكرة قوية .. وعقلية ذكية .. لم يكن يقرأ أو يسمع أي شيء إلا ويحفر في ذاكرته .. تخرج من الكتاب بعد تمام العشر .. وإتمام حفظ كتاب الله والكثير من أحاديث رسول الله ..
ولحبه للعلم أخذ يجالس مشايخ بلده وكبار علمائها وفقهائها .. ولأنه كان لا يزال صغير السن كان يدخل مجالس العلماء صامتاً، ويستحي أن يلقي السلام عليهم .. وفي يوم مآ سأله أحد العلماء قائلاً: كم كتبت في مجلسنا اليوم؟ فقال اثنين .. وأراد حديثين .. فضحك من حضر المجلس .. فقال شيخ منهم: لا تضحكوا فلعله يضحك منكم يوماً مآ.
وقد ألهبت هذه الكلمات مشاعر محمد، ودفعته نحو مزيد من العمل والجد والاجتهاد ..
وما بلغ من العمر خمسة عشر عاماً إلا وهو يحفظ سبعين ألف حديث من أحاديث رسول الله ..
فصار بذلك آية يتعجب منها جميع العلماء والفقهاء والمحدثين .. ومن أساتذته محمد بن سلام البيكندي يقال: أنه دخل عليه يوماً أحد العلماء .. فقال له لو جئت قبل قليل لرأيت صبياً يحفظ سبعين ألف حديث .. ومن غرابة ما سمع هذا العالم وقوة انبهاره .. خرج مسرعاً علّه يلحق بالغلام الحافظ .. وبالفعل لحقه في بعض الطريق فاستوقفه .. وقال له: أنت الذي تقول أنا أحفظ سبعين ألف حديث .. ؟ قال له الصبي نعم وأكثر منه، ولا أجيئك بحديث من الصحابة أو التابعين إلا عرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم .. ولست أروي حديثاً من أحاديث الصحابة أو التابعين – يقصد أقوالهم - إلا ولي في ذلك أصل أحفظه حفظاً عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..
وما بلغ السادسة عشر من عمره إلا وقد حفظ كتب ابن المبارك ووكيع " أستاذ الإمام الشافعي ".
وفي ذات يوم كان محمد يجلس هو وأمثاله من طلبة العلم بين يدي أستاذه إسحاق بن راهويه، فقال لهم الشيخ عبر كلماته التي تملؤها البركة .. لو جمعتم كتاباً مختصراًَ لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " أظنكم عرفتموه " يقول محمد " فوقع ذلك في قلبي وعقدت العزم على تحقيق ما تمناه الشيخ؟؟
وفي السابعة عشر من عمره وفقه الله في تصنيف كتاب " قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم " كما صنف كتاب التاريخ إذ ذاك في مسجد رسول الله .. يقول عن نفسه: فلما بلغت ثماني عشرة سنة وصنفت كتاب قضايا الصحابة والتابعين .. أخذت في تصنيف كتاب التاريخ بين قبر النبي ومنبره وكنت أكتبه في الليالي المقمرة .. وكل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة إلا أني كرهت تطويل الكتاب." .. وقد شمل التاريخ الذي تحدث عنه نحو من أربعين ألف ترجمة وزيادة .. وكان قبل أن يكتب ترجمة الشخص ويتحدث عن حياته يصلي ركعتين .. فيا ترى كم ركعة صلاها حتى يكمل هذا الكتاب؟ وكم ليلة سهر في الربوع الطاهرة ليتم صفحاته ..
يحكى عنه اثنين من زملائه في طلب العلم فيقولان: كان يختلف معنا إلى المشايخ وهو غلام فلا يكتب كما نكتب خلفهم حتى أتى على ذلك أيام .. فقلنا له: إنك تختلف معنا وما تكتب معنا فما تصنع؟ فقال لنا بعد ستة عشر يوماً: إنكما قد أكثرتما على وألححتما .. فأعرضا علي ما كتبتما .. فأخرجنا إليه ما كان عندنا فقرأنا، فزاد عليه خمسة عشر ألف حديث فقرأها كلها عن ظهر قلب .. وحتى جعلنا نحكّم كتبنا من حفظه، ثم قال: أترون أني أختلف هدراً وأضيع أيامي؟ فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد .. لقد عجز الجميع عن سباقه في الحفظ والفهم، وقد روي أنه كان ينظر في الكتاب مرة واحدة فيحفظه من نظرة واحدة ..
وسأله خادمه يوماً: هل من دواء يشربه الرجل فينتفع به للحفظ؟ فقال لا أعلم، ثم أقبل عليه وقال: لا أعلم شيئاً أنفع للحفظ من نهمة الرجل ومداومة النظر ..
وأخيراً أتوقف ويبقى الكثير من قصصه الماتعة ومحاوراته البديعة خشية أن يمّل القارئ الكريم .. فسيرة هذا العالم الجليل عبقة نيّرة تأسر القارئ بطيب قصصه وأحاديثه فلا يكاد يتوقف إلا عند تمامها ..
فمن هو؟؟
ـ[حسانين أبو عمرو]ــــــــ[18 - 08 - 2009, 01:22 م]ـ
أكرمك الله أختي الكريمة
ما حوجَنا إلى سماع مثل هذه القصة لعلَّنا نأخذ منها الطهارة والنقاء والعفاف , نأخذ منها عدم التّكالب على الدنيا , والحرص على تحصيل خير زاد ألا وهو العلم.
ورد في الوافي بالوفيات
البخاري
¥