في يوم الاثنين العاشر من مايو لعام 1937 استيقظ فيلسوف القرآن لصلاة الفجر، ثم جلس يتلو القرآن، فشعر بحرقة في معدته، تناول لها دواء، ثم عاد إلى مصلاه، ومضت ساعة، ثم نهض وسار، فلما كان بالبهو سقط على الأرض، ولما هب له أهل الدار، وجدوه قد فاضت روحه الطيبة إلى بارئها، وحمل جثمانه ودفن بعد صلاة الظهر إلى جوار أبويه في مقبرة العائلة في طنطا. مات مصطفى صادق الرافعي عن عمر يناهز 57 عاماً.
نظم الرافعي الشعر في بدايات شبابه، قبل بلوغه العشرين من عمره، وأصدر ديوانه الأول في عام 1903 الذي كان له صدى عظيماً بين كبار شعراء مصر، إذ كتب فيه البارودي والكاظمي وحافظ ابراهيم شعراً، كما أرسل له الشيخ محمد عبده وزعيم مصر مصطفى كامل له مهنئين وبمستقبل باهر متنبئين.
تزوج الرافعي في عام 1904 من ابنة عائلة البرقوقي من مدينة المنصورة، وعاش حياة زوجية نموذجية.
انقطع لتأليف كتاب تاريخ آداب العرب من منتصف عام 1909 إلى نهاية عام 1910 ليدخل به مسابقة الجامعة المصرية في تاريخ الأدب العربي، ثم طبعه على حسابه الخاص في عام 1911، وفي عام 1912 أصدر جزءه الثاني وعنونه إعجاز القرآن والبلاغة النبوية.
إصداره للجزء الثاني جعل الناس يعرفون ويتذوقون قدرة الرافعي على البلاغة وفنونها، وكتب له زعيم الأمة سعد زغلول مهنئاً إياه، ومعترفاً له بعلمه الغزير وأسلوبه منقطع النظير. آل الرافعي بعدها على نفسه أن يكون حارس الدين الإسلامي وحاميه، والمدافع عنه ضد أسباب الزيغ والفتنة والضلال، وانبرى يهاجم كل من تطاول على الدين الإسلامي واللغة العربية، وكل من اجترأ وسخر ونال منهما.
رحل في عام 1912 إلى لبنان، حيث ألف كتابه حديث القمر، وصف فيه مشاعر الشباب وعواطفهم وخواطر العشاق في أسلوب رمزي على ضرب من النثر الشعري البارع.
بعد وقوع الحرب العالمية الأولى، ونزوع المستعمر إلى تحويل كل خيرات البلاد لهذه الحرب، ما ترك أهلها ضحايا للجوع والفقر، ما جعل أرقام هؤلاء تزيد عن ضحايا الحرب ذاتها. نظر الرافعي حوله فرأى بؤساً متعدد الألوان، مختلف الصور والأشكال، فانعكس ذلك كله في كتابه كتاب المساكين. في عام 1924 أخرج كتاب رسائل الأحزان، عن خواطر في الحب، ثم أتبعه بكتاب السحاب الأحمر والذي تحدث فيه عن فلسفة البغض وطيش الحب. تلى ذلك كتابه أوراق الورد أسمعنا فيه حنين العاشق المهجور، ومنية المتمني وذكريات السالي، وفن الأديب وشعر الشاعر.
وجد الرافعي دعوة التجديد قناعاً للنيل من اللغة العربية مصورة في أرفع أساليبها (الشعر الجاهلي) وباباً يقصد منه الطعن في القرآن الكريم والتشكيك في إعجازه، ومدخلاً يلتمس فيه الزراية بالأمة منذ كان للعرب شعراً وبياناً. لذا ما أنفتأ يقاوم هذه الدعوة، جهاداً تحت راية القران، يبتغي به وجه الله تعالى، فجمع في كتابه تحت راية القرآن كل ما كتب عن المعارك التي دارت بين القديم وكل ما هو جديد، ما جعله أفضل الكتب العربية في النقد ومكافحة الرأي بالرأي، ما جعله أعلى كتبه مكانة بعد رائعته وحي القلم.
في عام 1934 بدأ الرافعي يكتب كل أسبوع مقالة أو قصة، ليتم نشرها أسبوعياً في مجلة الرسالة، والتي أجمع الأدباء والنقاد على أن ما نشرته الرسالة لهو أبدع ما كتب في الأدب العربي الحديث والقديم، جمع أكثرها في كتاب وحي القلم.
ـ[أنوار]ــــــــ[04 - 09 - 2009, 12:07 ص]ـ
بورك الحضور ..
أشكرك أخيتي الكريمة عائشة ومرحباً بك ..
ـ[حسانين أبو عمرو]ــــــــ[04 - 09 - 2009, 07:36 ص]ـ
هل قولك: أكرمك الله أستاذة أنوار،هكذا دون أن تعرف لفظ أستاذة صحيح؟ يظهر لي أن قولك:أستاذة أنوار معناه أنك تخاطب أستاذة لأنوار لا أنوارا نفسها، أليس الصواب أن يقال:أكرمك الله أيتها الأستاذة أنوار؟ أم أنك لك وجه فيما قلت،فلتبده إذن!!
السلام عليكم
كان من حقك الاعتراض لو قلت ُ: يا الأستاذة , ومع هذا فخذ هذه المعلومة من إمامنا ودقِّق النظر فيها:
كتاب سيبويه:2/ 197
وزعم الخليل رحمه الله أن الألف واللام إنما منعهما أن يدخلا في النداء من قبل أن كلَّ اسم في النداء مرفوع معرفة.
وذلك أنه إذا قال يا رجلُ ويا فاسقُ فمعناه كمعنى يا أيُّها الفاسق ويا أيُّها الرجلُ وصار معرفة لأنك أشرتَ إليه وقصدتَ قصدَه واكتفيتَ بهذا عن الألف واللام وصار كالأسماء التي هي للإشارة نحو هذا وما أشبه ذلك , وصار معرفة بغير ألف ولام؛ لأنك إنَّما قصدت قصد شئ بعينه وصار هذا بدلا في النداء من الألف واللام واستغنى به عنهما كما استغنيت بقولك: اضربْ عن لِتضرب.
قال ابن مالك رحِمه الله في شرح التسهيل 3/ 398:
فحاصل ُ كلامه أن َّ رجلا من قولك: يارجل ُ معرفة بالقصد والإشارة إليه , فاستغني عن الألف واللام , كما استغنى اسم الإشارة , وكما استغنى اضرب ْ عن لام الأمر.
وينظر: شرح التسهيل لناظر الجيش: 7/ 3556.
¥