تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هو سيد ولد آدم ولا فخر، سيبعثه الله يوم القيامة مقاماً محموداً تتقاصر دونه الأطماع وتتطامن دونه الأماني، إنه الشفاعة العظمى يوم الموقف يوم أن يتخلى عنها أولو العزم من الرسل ويقول هو ; أنا لها أنا لها. جمع المحامد كلها، وحازمن المكارم أجلها، محمود عند الله؛ لأنه رسوله المعصوم، ونبيه الخاتم، وعبده الصالح، وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، وخليله من أهل الأرض، ومحمود عند الناس؛ لأنه قريب من القلوب، حبيب إلى النفوس، رحمة مهداة، ونعمة مسداة، مبارك أينما كان، محفوف بالعناية أيمنا وجد، محاط بالتقدير أينما حل وارتحل. كان العرب يعيشون جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، كانوا أسارى شبهات وأرباب شهوات، يعبدون الأصنام ويستقسمون بالأزلام،، ظلوا على هذه الحال إلى أن بزغ نور الإسلام وسطع فجر الإيمان وتألق نجم النبوة. ولد الهادي العظيم، فكان مولده فتحاً، ومبعثه فجراً، بدد به الله جميع الظلمات، وهدى به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، وفتح به أعيناً عمياً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً، وكثر به بعد القلة، وأعز به بعد الذلة، وأغنى به بعد العيلة. فصلى الله عليه وسلم ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون. فلن تضيره هذه السخرية مهما عظمت أو تكاثرت، كما أخبرنا بذلك ربُّنا في القرآن العظيم. ونحن نعتقد أن الله سبحانه سيحمي سمعة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ويخلد ذكره الحسن ويصرف عنه أذى الناس وشتمهم بكل طريق، حتى في اللفظ، ففي " الصحيحين" عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا ترونَ كيف يَصْرِفُ الله عنِّي شَتْمَ قريشٍ ولعنَهم، يشتمون مُذَمَّمَاً، ويلعنون مُذَمَّمَاً، وأنا مُحَمَّدٌ! ". فنَزَّه الله اسمَه ونَعْتَه عن الأذى، وصرف ذلك إلى من هو مُذَمَّم، وإن كان المؤذِي إنما قصد عينه". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: " يشتمون مُذَمَّمَاً ": كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم في النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح، فيعدلون إلى ضده، فيقولون: مُذَمَّم، وإذا ذكروه بسوء قالوا: فَعَلَ الله بمذمم. ومُذَمَّم ليس هو اسمه عليه الصلاة والسلام، ولا يُعرف به، فكان الذي يقع منهم في ذلك مصروفاً إلى غيره. وهكذا تلك الرسوم التي دعت الجريدة الرسامين لرسمها ونشرتها على صفحاتها، إنها قطعاً لا تمثل رسول الله محمداً صلى الله عليه وسلم، لا في رسمها، ولا في رمزها: لا في رسمها: أي ملامح الوجه، فوجه محمد هو الضياء والطهر والقداسة والبهاء، وجهه أعظم استنارةً وضياءً من القمر المسفر ليلة البدر، وجه محمد يفيض سماحةً وبشراً وسروراً، وجه محمد له طلعةٌ آسرة، تأخذ بلب كل من رآه إجلالاً وإعجاباً وتقديراً. ولا في رمزها: فمحمد صلى الله عليه وسلم ما كان عابساً ولا مكشراً، وما ضرب أحداً في حياته، لا امرأة ولا غيرها، تقول عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنها: ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تُنتهك حرمة الله فينتقم لله بها " رواه البخاري ومسلم. وإنه لمن الحسرة والبؤس على الصحيفة الدنمركية وعلى حكومة الدنمرك أن يكون مجرد علمهم عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما استهزؤوا به، مما أوحت به إليهم الأنفس الشريرة، وصدق الله: ;يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون; [يس: 30]. الوقفة الثانية: السخرية بالأنبياء لن تزيد العالم إلا شقاءً وبؤساً. فلا يخفى أن العالم اليوم يشهد اضطرابات عديدة، أريقت فيها الدماء وأزهقت الأرواح، بغياً وعدواناً، بما يجعلنا أحوج ما نكون لنشر أسباب السلم والعدل، وخاصةً احترام الشرائع السماوية واحترام الأنبياء والمرسلين، فهذا المسلك يتحقق به حفظ ضرورات البشر في أرواحهم وأعراضهم وأموالهم، وغير ذلك من حقوقهم ومقومات عيشهم الكريم. وإن مثل هذه الأطروحات العدائية والاستفزازية لن تزيد العالم إلا شقاءً وبؤساً، ذلك أننا جميعاً بحاجة لمصادر الرحمة والهدى، والتي يسَّرها رب العالمين على يدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فكان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير