[من جوانب الرأفة والرحمة في العقوبات الإسلامية]
ـ[قلم الصحافة / ممدوح فراج]ــــــــ[10 - 05 - 2006, 10:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[من جوانب الرأفة والرحمة في العقوبات الإسلامية]
إعداد الأستاذ / حسن عبد العال محمود
mr.hssan***********
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يثار جدل واسع بين المثقفين وأرباب الفكر في المجتمعات حين يأتي ذكر تطبيق الشريعة الإسلامية وإقامة الحدود الشرعية ما بين مؤيد ومعارض، لكن ما أود أن أقف عنده تلك الحملة الشرسة على الدين الإسلامي، وانتقاد العقوبات الإسلامية، وإثارة الغبار حول الأحكام الشرعية ووصفها بالوحشية والقسوة ناهيك عن حالة الإرجاف التي يثيرونها من أن تطبيق الحدود سيعصف بأمن الأمة، ويضرب اقتصادها.
ولكن واقع الأمر أنهم يريدون حرية أخلاقية إباحية تبيح للرجال و النساء قضاء شهواتهم بلا حرج، وتتيح الشذوذ الجنسي بلا خوف، وتتناول المسكر بلا قلق، وتساعد على استباحة الأعراض وتلويث الشرفاء من غير رادع، وفي هذه الدراسة الوجيزة أريد أن أوضح أن الإسلام في شريعته منهج تربوي عظيم حين يشرع الحدود والعقوبات يتسامى إلى أبعد الحدود فيظهر سماحة عظيمة، وتبدوا لنا مظاهر الرأفة والرحمة واضحة في تلك الحدود.
هدف الشريعة الإسلامية من العقوبة
وقبل توضيح تلك المظاهر نقف عند الهدف المنشود من تشريع تلك العقوبات. فالإسلام في واقعه يريد الحماية الكاملة للمجتمع والبشرية جميعا ً، لذلك فهو يقدم الحلول التي تستقر بها الحياة الكريمة للبشرية فكان لابد من وضع ضوابط وشرائع من خلالها تستقيم الحياة ولا يعكر صفوها مكدر من هنا كانت الضرورة بتشريع العقوبة على المنحرفين كوازع يخاف به المجرم فلا يقدم على المنهيات والمحظورات، فهو حين يشرع الحدود يريد منها استقرار الحياة (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) البقرة / 179 فالهدف إذاً إصلاح النفوس وتهذيبها والعمل على سعادة المجتمع شأنها في ذلك شأن الطبيب الحاذق الذي رأى بعد بذل غاية وسعه في علاج المريض وجد أن سلامته وإنقاذ حياته تحتم بتر عضوه حتى يسلم الجسم. (1)
فالإيلام الواقع بتنفيذ العقوبة على المجرم أمر من مستلزمات علاج الخطورة الكامنة في شخص المجرم وهي في الحد ذاته تعد مصلحة من حيث حماية المجتمع ونظيره ونجد أن الإسلام في ظل نظامه المتكامل يتخذ أسباب الوقاية قبل أن يتخذ أسباب العقوبة والمتأمل للنصوص الشرعية يدرك أن الإسلام يهدف إلى إبراء الساحة والعفو ما أمكن ذلك سبيلا، ولا ينشد إلى الإدانة والتخطئة لذلك اعتمدت القاعدة الشرعية التي يوصي بها الحديث الشريف (ادرءوا الحدود ما استطعتم إلى ذلك سبيلا) (2). وهي قاعدة ادراء الحدود بالشبهات. قال الطيبي:" فمن حق إمام المسلمين وقائدهم أن يرجح سبيل العفو ما أمكن على إظهار الرأفة والرحمة " (3)
وهي دعوة الرسول (?) كما جاء في مسند أبى يعلى:" أتى رسول الله (?) برجل سرق فأمر بقطعه،ثم بكى فسئل فقال: كيف لا أبكي وأمتي تقطع بين أظهركم. قالوا: أفلا عفوت. قال: ذلك سلطان سوء الذي يعفو عن الحدود، ولكن تعافوا .. " (4)
وهذا ما نستشعره أيضاً في حديث عبد الله بن عمرو أن النبي (?) قال:" تعافوا الحدود فيما بينكم فما يلقى من حد فقد وجب ". (5) ونحن نجد أن هذا الموقف الرشيد الذي يدعو إلى العفو والصفح هو روح الشريعة نفسها التي تراعي ظروف الجاني ومواقفه التي قد تفقده في بعض الأحيان إرادته أو تسلكه طريق الاختيار الصحيح فيتورط في الجريمة أو يقع فريسة المرض. ومع أن الله سبحانه وتعالى شدد في العقوبة وأوقع أشد العذاب على مرتكب الحدود إلا أننا نلتمس عدة جوانب للرأفة والرحمة لمقترفي هذه الحدود وليس هذا ميلاً عن العدل والاستقامة، وإنما هو إظهار لروح السماحة والرأفة اللذين هما من سمات هذا الدين الحنيف.
من جوانب الرأفة والرحمة في عقوبة القتل
¥